حديث أبي موسى الأشعري 78

مستند احمد

حديث أبي موسى الأشعري 78

 حدثنا مؤمل بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا أبو عمران الجوني، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعي نفر من قومي فقال: «أبشروا وبشروا من وراءكم، أنه من شهد أن لا إله إلا الله صادقا بها دخل الجنة» فخرجنا من عند النبي صلى الله عليه وسلم نبشر الناس، فاستقبلنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فرجع بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: يا رسول الله، إذا يتكل الناس؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم

لشَهادةِ التوْحيدِ فَضلٌ عَظيمٌ؛ فإنَّها تُخرِجُ صاحبَها منَ الكُفرِ إلى الإيمانِ باللهِ، وتَضَعُه على بدايةِ الطريقِ الصحيحِ لعِبادةِ اللهِ تعالى، وقد وعَدَ اللهُ مَن صدَّقَ بها، وعمِلَ بمُقْتَضاها أنْ يُدخِلَه الجَنةَ
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو موسى الأشْعَريُّ رضِيَ اللهُ عنه: "أتيْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومَعي نفَرٌ من قَوْمي"، أي: جماعةٌ منهم، فقال لهمُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "أبْشِروا وبَشِّروا مَن وَراءَكم" خُذوا منِّي البِّشارةَ والخَبرَ السارَّ، وأخْبِروا به الناسَ، "أنَّه مَن شهِدَ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ" ومعناها لا مَعبودَ بحقٍّ سِواه "صادِقًا بها" بأنْ اعتقَدَها بقَلبِه مُطمَئنًّا بها غيرَ شاكٍّ، "دخَلَ الجَنةَ" جَزاءً منَ اللهِ سُبحانَه على صِدقِ إيمانِه
قال أبو موسى رضِيَ اللهُ عنه: "فخرَجْنا من عندِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نُبشِّرُ الناسَ، فاستَقبَلَنا عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه"، أي: قابَلَنا وعلِمَ منَّا بِشارةَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ "فرجَعَ بنا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال عُمَرُ: يا رسولَ اللهِ، إذنْ يتَّكِلُ الناسُ؟" وذلك لأنَّ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنه خَشيَ أنْ يتَّكِلَ النَّاسُ على هذه البُشرَى فيُقَصِّروا في العمَلِ، وأرادَ أنْ يُترَكَ الناسُ دونَ عِلمٍ بها حتى يَعمَلوا ويَجتَهِدوا في الطاعاتِ، قال أبو موسى: "فسكَتَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، وسُكوتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وإنْ كان ظاهرُه يُفيدُ الإقْرارَ لقَولِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنه، إلَّا أنَّه يَحتمِلُ الأمرَينِ، فمَن شاء بشَّرَ به لمَن يَرْجو به المَصلَحةَ، ومَن شاء سكَتَ عنها رَجاءً أيضًا للمَصلَحةِ. ولكنْ كان هذا في حَياةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وبعدَ مَوتِه أخبَرَ الصحابةُ بذلك حتى لا يَكتُموا العِلمَ والسُّنةَ؛ فعَلِمَتِ الأُمةُ البِشارةَ العَظيمةَ لأهلِ التَّوْحيدِ، وأنَّ مَن مات وهو يَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ خالصًا مِن قلبِه فله الجنَّةُ