حديث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
مستند احمد
حدثنا يحيى بن زكريا، قال: أخبرنا حجاج، عن حسين بن الحارث الجدلي، قال: خطب عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب في اليوم الذي يشك فيه، فقال: ألا إني قد جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسألتهم، ألا وإنهم حدثوني، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، وأنسكوا لها، فإن غم عليكم [ص:191] فأتموا ثلاثين، وإن شهد شاهدان مسلمان، فصوموا وأفطروا»
جعَلَ اللهُ الأهِلَّةَ لحسابِ الشُّهورِ والسِّنينَ، وقد بيَّنَت السُّنَّةُ النَّبويَّةُ كيفيَّةَ التَّحرُّزِ والاحتياطِ لشَهرِ رمضانَ؛ لأنَّه صومُ الفريضةِ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ زيدِ بنِ الخطَّابِ- وكان أميرًا على مكَّةَ-: "أنَّه خطَبَ النَّاسَ في اليومِ الَّذي يُشَكُّ فيه"، ويومُ الشَّكِّ: هو يومُ الثَّلاثينَ من شعبانَ؛ فهو يُشَكُّ فيه هل هو من شعبانَ أو من رمضانَ، حتَّى يتبيَّنَ الهِلالُ، فقال عبدُ الرَّحمنِ في خُطبتِه: "ألَا إنِّي جالسْتُ أصحابَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّمَ، وساءَلْتُهم"، أي: سألْتُهم وأكثرْتُ سُؤالَهم، ومن ذلك سُؤالي لهم عن أمْرِ يومِ الشَّكِّ، "وإنَّهم حَدَّثوني، أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّمَ قال: صُوموا لرُؤيتِه، وأفطِروا لرُؤيتِه"، أي: ابدَؤوا الصِّيامَ عند رُؤيةِ هلالِ رَمضانَ في أوَّلِ الشَّهرِ، وأفطِروا عند رُؤيةِ هلالِ شوَّالٍ
قال: "وانْسُكوا لها"، قيل: هو مِن النُّسكِ بمعنى الطَّاعةِ والعبادةِ وكلِّ ما يُتقرَّبُ به إلى اللهِ تعالى، والمُرادُ: وتقرَّبوا للهِ بالصَّومِ لوَقتِ الرُّؤيةِ وزَمانِها، وقيل: هو أمْرٌ من نَسَك يَنْسُكُ، أي: اذْبَحوا نُسُكَكم، وهي الأضحيَّةُ، أو المُرادُ: أداءُ النُّسكِ وهو الحَجُّ؛ فكلٌّ من الأُضحيَّةِ والحَجِّ لا بدَّ له من رُؤيةِ هلالِ ذي الحجَّةِ، "فإنْ غُمَّ عليكم، فأكْمِلوا ثلاثينَ"، أي: إنْ حُجِبَ عنكم الهلالُ، ولم تَرَوه لأيِّ مانعٍ؛ من غَيمٍ، أو عواصفَ، أو غيرِ ذلك، فأكْمِلوا الشَّهرَ ثلاثينَ صومًا وإفطارًا؛ إبقاءً على الأصلِ، وهذا من الاحتياطِ لشَهرِ رمضانَ في بِدايتِه ونهايتِه، فلا تَصوموا حتَّى تَرَوا هِلالَ رمضانَ أو تُكلِموا عِدَّةَ شعبانَ ثلاثينَ يومًا، وإذا صُمْتم رمضانَ، فلا تُفطِروا حتَّى تَرَوا هلالَ شوَّالٍ، أو تُكمِلوا عِدَّةَ رمضانَ ثلاثينَ يومًا، "فإنْ شهِدَ شاهدانِ، فصُوموا وأفطِروا"، أي: ويثبُتُ صِحَّةُ رُؤيةِ الهلالِ بشاهدَينِ، فلا يُشترَطُ رُؤيتُه من جميعِ المُسلمين؛ فليس الصوم مُعلَّقًا بالرؤيةِ مِن كلِّ أحدٍ
وفي الحديثِ: أنَّ صومَ رَمضانَ والفِطْرَ منه يَتعلَّقُ برُؤيةِ الهلالِ
وفيه: أنَّ شَهادةَ عدلَيْن برُؤيةِ الهلالِ يلزَمُ بها الصَّومُ والفِطْرُ