حديث البراء بن عازب 75
مستند احمد
حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن البراء بن عازب، «أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم»
الزِّنا مِن أعظَمِ الآثامِ الَّتي يرْتكِبُها الإنْسانُ، وهو مِن كَبائرِ الذُّنوبِ في الإسْلامِ؛ حيثُ شدَّدَ اللهُ عُقوبَتَها في الدُّنيا والآخِرَةِ، وقد كان ماعِزُ بنُ مالِكٍ أحَدَ المرجُومِين على عَهْدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حدِّ الزِّنا
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "أنَّ ماعزَ بنَ مالكٍ أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: جاء إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيَعرِضَ عليه ما فعَلَه مِن الفاحشةِ، طالِبًا التَّوبةَ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لعلَّكَ قبَّلْتَ أو لَمَسْتَ أو غمَزْتَ"، وهذا تثبُّتٌ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وإرشادٌ لماعزٍ؛ لِيَدرَأَ عنه الحَدَّ؛ إذ لَفظُ الزِّنا يقَعُ على نظَرِ العينِ وفِعلِ الجوارحِ؛ لأنَّ مِن سُنَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَرْءَ الحُدودِ بالشُّبهاتِ، قال ماعزٌ رضِيَ اللهُ عنه: "لا"، أي: لم أفعَلْ هذه الأفعالَ؛ مِن التَّقبيلِ، واللَّمسِ، والغَمْزِ، ومُرادُه أنَّه وقَعَ في الزِّنا حَقيقةً لا مُقدِّماتِه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فعلْتَ كذا وكذا؟ لا يَكْنِي"، أي: سأَلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُؤالًا صريحًا عن وُقوعِه على المرأةِ والزِّنا بها، وهذا يدُلُّ على أنَّ الحُدودَ لا تُقامُ إلَّا بالإفصاحِ دونَ الكِناياتِ، قال ماعزٌ: "نعمْ"، وهنا أقرَّ إقرارًا مُؤكِّدًا أنَّه وقَعَ في الفاحِشةِ والزِّنا على حَقيقتِه، "فأمَرَ برَجْمِه"، أي: أمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصحابَه، فرَجَموه بالحِجارةِ؛ لأنَّه كان مُحصَنًا
وفي الحديثِ: التَّثبُّتُ قبْلَ إقامةِ الحدودِ بالإقرارِ أو البيِّنةِ
وفيه: التَّشديدُ في حَدِّ الزِّنا؛ بالرَّجْمِ بالحِجارةِ حتى الموتِ للمُحصَنِ