حديث العرباض بن سارية عن النبي صلى الله عليه وسلم 7
مستند احمد
حدثنا أبو عاصم، حدثنا وهب بن خالد الحمصي، حدثتني أم حبيبة بنت العرباض، قالت: حدثني أبي: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم يوم خيبر كل ذي مخلب من الطير، ولحوم الحمر الأهلية، والخليسة، والمجثمة، وأن توطأ السبايا حتى يضعن ما في بطونهن»
بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الحَلالَ والحَرامَ في كلِّ شَيءٍ؛ حتَّى يكونَ المُؤمنُ على بيِّنَةٍ مِن أمْرِه في تَجنُّبِ الحَرامِ؛ في الأموالِ والأعْراضِ، والأطعِمةِ، وغيرِ ذلك
كما يُبيِّنُ هذا الحديثَ؛ حيثُ يُخبِرُ فيه العِرباضُ بنُ ساريةَ: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نهى يومَ خَيبرَ"، أي: يومَ غَزوةِ خَيبرَ، وكانت في السَّنةِ السَّابعةِ مِن الهِجرةِ، وخيبرُ: قَريةٌ تَبعُدُ عن المدينةِ 165 ميلًا (265 كم) على طريقِ الشَّامِ، "عن كلِّ ذي نابٍ مِن السِّباعِ"، أي: نَهَى عن أكْلِ لَحمِ كلِّ حَيوانٍ مُفترِسٍ يأكُلُ لُحومَ الحَيواناتِ، والنَّابُ: السِّنُّ الَّتي يَعتمِدُ بها السَّبُعُ في جَرحِ كلِّ ما يَعتَدي عليه، "وعن كلِّ ذي مِخلَبٍ مِن الطَّيرِ"، أي: ونهى عن أكْلِ الطُّيورِ الجارحةِ الَّتي لها مَخالِبُ وأظافرُ، "وعن لُحومِ الحُمرِ الأهليَّةِ"، وهي الَّتِي تألَفُ البُيوتَ وتَأنَسُ بالنَّاسِ، فهذه الَّتي نُهِيَ عن أكْلِ لُحومِها، بخِلافِ الحُمُرِ الوَحشيَّةِ الَّتي تَنفِرُ منهم؛ فإنَّها أُبِيحَت في أحاديثَ أُخرَى، "وعن المُجثَّمةِ"، وهي الحيواناتُ الَّتي تُحبَسُ وتُمنَعُ مِن الحَركةِ، وتُجعَلُ هدَفًا، وتُرمى بالنَّبلِ، وهذا الفِعلُ يَكثُرُ في الطَّيرِ والأرانبِ وأشباهِ ذلك، ممَّا يَجْثِمُ في الأرضِ، أي: يَلزَمُها ويَلتَصِقُ بها، والمُرادُ: أنَّها مَيتَةٌ لا يَحِلُّ أكْلُها، "وعن الخَليسةِ"، وهي: الَّتي يأخُذُها الذِّئبُ أو السَّبُعُ، وتُستنقَذُ منه بعدَ اليأسِ، فتموتُ قبْلَ أنْ تُذكَّى وتُذبَحَ، "وأنْ تُوطَأَ الحَبالى"، أي: ونهَى عنِ النِّساءِ الحواملِ- والمُرادُ بِهنَّ النِّساءُ المَسْبِيَّاتُ- أنْ يُوطَأْنَ، وهذا كِنايةٌ عنِ الجِماعِ، "حتَّى يَضعْنَ ما في بُطونِهِنَّ"، أي: حتَّى يَلِدْنَ، والمُرادُ بهذا هو النَّهيُ عن جِماعِ امرأةٍ حاملٍ مِن شَخصٍ آخَرَ إذا ملَكَها المُسلِمون في السَّبيِ حتَّى تَلِدَ وتَبرَأَ
وفي الحديثِ: بَيانٌ لبَعضِ الخبائثِ المَنهيِّ عنها مِن المأكولاتِ والمشروباتِ
وفيه: حِرْصُ الإسلامِ على الطَّيِّباتِ في كلِّ شَيءٍ مِن المأكلِ والمَشْربِ، والمَنكَحِ
وفيه: حِفظُ الأعراضِ والأنسابِ في كُلِّ الأحوالِ حتَّى في الحرْبِ