حديث المسور بن مخرمة الزهري، ومروان بن الحكم 13

مستند احمد

حديث المسور بن مخرمة الزهري، ومروان بن الحكم 13

 حدثنا محمد بن عباد المكي، حدثنا أبو سعيد، مولى بني هاشم، حدثنا عبد الله بن جعفر، عن أم بكر، وجعفر، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن المسور قال: بعث حسن بن حسن إلى المسور يخطب بنتا له قال له: توافيني في العتمة، فلقيه، فحمد الله المسور، فقال: ما من سبب، ولا نسب، ولا صهر، أحب إلي من نسبكم، وصهركم، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فاطمة شجنة مني، يبسطني ما بسطها، ويقبضني ما قبضها، وإنه ينقطع يوم القيامة الأنساب والأسباب، إلا نسبي وسببي» ، وتحتك ابنتها، ولو زوجتك قبضها ذلك. فذهب عاذرا له

تَفضَّلَ اللهُ على نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بهِباتٍ ومَكرُماتٍ كثيرةٍ في الدُّنيا والآخِرَةِ، ومن ذلك الشَّفاعةُ العامَّةُ والخاصَّةُ للناسِ يومَ القِيامَةِ، وينفَعُ اللهُ بها كثيرًا من عبادِه يومَ القِيامَةِ
وفي هذا الحديثِ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "كُلُّ نَسَبٍ وصِهْرٍ" النَّسَبُ: ما رُفِعَ إلى وِلادةٍ قَريبةٍ من قِبَلِ الآباءِ، والصِّهرُ: ما كان من خُلطةٍ تُشبِهُ القَرابةَ بسَببِ التزوُّجِ، ويُطلَقُ على الزَّوجِ وأقارِبِه وأقاربِ المرأةِ: أصهارٌ، "يَنقطِعُ يومَ القِيامَةِ" كما قال اللهُ تعالى: {فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ} [المؤمنون: 101]، أي: فلا يَتواصَلون بها، ولا يتساءَلون، ولا يتزاوَرون، فيتساءَلون عن أحوالِهم وأنسابِهم، "إلَّا نَسَبي وصِهرِي" أي: يُنتفَعُ يَومَئذٍ بالنِّسبةِ إليه، ولا يُنتفَعُ بسائِرِ الأنسابِ، وهذا مِن عَظيمِ فَضلِ اللهِ عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وعظيمِ نفْعِ الانتسابِ إليه عليه السَّلامُ، ولا يُعارِضُه ما في أخبارٍ أُخَرَ مِن حثِّه لأهلِ بيتِه على خشيةِ اللهِ واتِّقائِه وطاعتِه، وأنَّه لا يُغني عنهم من اللهِ شيئًا؛ لأنَّه لا يَملِكُ لأحَدٍ نفْعًا ولا ضَرًّا، لكنَّ اللهَ يُملِّكُه نفعَ أقارِبِه، فقولُه كما في الحَديثِ المُتَّفَقِ عليه: "يا بَني عَبدِ مَنافٍ، لا أُغني عنكم من الله شيئًا، يا عباسُ بنَ عبدِ المُطَّلِبِ، لا أُغني عنكَ من الله شيئًا، ويا صَفيَّةُ عمَّةَ رسولِ اللهِ، لا أُغني عنكِ من اللهِ شيئًا، ويا فاطمةُ بنتَ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، سَليني ما شِئتِ مِن مالي، لا أُغني عنكِ من اللهِ شيئًا"، أي بمُجرَّدِ نفْسي مِن غَيرِ ما يُكرِمُني اللهُ به مِن نحوِ شَفاعةٍ ومَغفرةٍ؛ فخاطَبَهم بذلك رِعايةً لمقامِ التَّخويفِ