حديث المقدام بن معدي كرب الكندي أبي كريمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم 3
مستند احمد
حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا حريز، عن عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، عن المقدام بن معدي كرب الكندي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل ينثني شبعانا على أريكته يقول: عليكم بالقرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من [ص:411] حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السباع، ألا ولا لقطة من مال معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم، فعليهم أن يقروهم، فإن لم يقروهم، فلهم أن يعقبوهم بمثل قراهم "
السُّنَّةُ النبويَّةُ الصَّحيحةُ وحيٌ مِن اللهِ تعالى؛ فالقرآنُ هو الوحيُ المتلوُّ المتعبَّدُ بتلاوتِه، والسُّنةُ الصَّحيحةُ هي مِن الوحيِ غيرِ المتلوِّ، ولكنَّنا مُكلَّفون باتِّباعِ ما ورَد فيها؛ فالسنَّةُ مفسِّرةٌ وموضِّحةٌ للقرآنِ، ومُخصِّصةٌ ومقيِّدةٌ لبعضِ ما فيه؛ فليس لأحدٍ أنْ يَزعُم الاكتفاءَ بالقرآنِ عن السُّنَّةِ المُطهَّرةِ؛ فالواجبُ تعظيمُ سُنَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومَعْرِفةُ قَدْرِها، والالتِزامُ بها، وعدمُ إنكارِها
وفي هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "ألَا هلْ عسى"، أي: قد اقْتَرَبَ زمانٌ أنْ يكونَ هناك "رَجُلٌ يَبْلُغُهُ"، أي: يُتَحَدَّثُ إليه بالحديثِ "عَنِّي" أي: عَنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثُمَّ وَصَفَ النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حالَ هذا الرَّجُلِ مِنَ التَّرَفِ والبَطَرِ والإعجابِ برأيهِ، فقال: "وهو مُتَّكِئ" أي: جالِسٌ على "أَرِيكتِهِ" وهي فِراشُهُ، فيقولُ: "بيننا وبينكُمْ كِتابُ اللهِ"، أي: إنَّ الذي يَفْصِلُ بيننا وبينكم في أمورِ الدِّينِ هو القرآنُ الكريمُ كِتابُ اللهِ؛ فهوَ يَكْفينا "فما وَجَدْنا فيه" أي: في القُرآنِ "حلالًا"، أي: أباحَهُ اللهُ عزَّ وجلَّ في كتابِه "اسْتَحْللناهُ"، أي: عمِلْنا بِهِ واسْتَعْمَلناهُ، وما وَجَدْنا فيه "حرامًا"، أي: ما مَنَعَهُ اللهُ على عِبادِهِ أنْ يَفْعلوهُ "حرَّمناهُ" أي: ابْتَعَدْنا عنه واجْتَنبناهُ، ثمَّ قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "وإنَّ ما حرَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم" أي: وكلُّ شيءٍ حرَّمَهُ رسولُ اللهِ أو نَهى عنهُ في سُنَّتِهِ "كما حرَّمَ اللهُ"، أي: هو في الحُكْمِ مِثْل ما حرَّمَهُ اللهُ في كتابِهِ؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المُبلِّغُ عن رَبِّهِ وأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يَنْطِقُ عن الهوى، إنْ هو إلَّا وَحْيٌ يُوحَى
وفي الحديث: بيانُ أَهمِّيَّةِ السُّنَّةِ النَّبويَّةِ
وفيه: إخبارُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ عن شيءٍ لَمْ يَقَعْ في زَمَنِ الصَّحابةِ، وسيَقعُ في المستقبلِ، وهو مِن دَلائلِ نُبوَّتِه الشَّريفةِ