حديث المقدام بن معدي كرب الكندي أبي كريمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم 5
مستند احمد
حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن ابن المبارك، عن ثور، عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معدي كرب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه»
البَرَكةُ نِعمةٌ مِن نِعَمِ اللهِ عزَّ وجلَّ، تُكثِّرُ القليلَ وتَزيدُه وتُنمِّيه، وتُثبِّتُ الزائلَ وتُبقِيه، وقد أرْشَدَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأسبابٍ مُتعدِّدةٍ تُستجلَبُ بها البَرَكةُ
وفي هذا الحَديثِ يُرشِدُنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى سَببٍ مِن أسبابِ تَنزُّلِ البَرَكةِ؛ وذلك باسْتِعمالِ الكَيْلِ في الطَّعَامِ؛ مِن قَمْحٍ وشَعيرٍ، وتَمْرٍ وزَبيبٍ، وغيرِها، عندَ بَيعِها وشِرائِها وإحصَائِها وإخراجِ زَكاتِها، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «يُبارَكْ لكُم»، أي: تُوضَعُ لكُم فيه البَرَكةُ والخَيْرُ الكثيرُ والنَّفعُ العَظيمُ، فَينتَفِعُ به بائِعُه ومُشتَريهِ، وآخِذُه ومُعْطيهِ. أو المرادُ بالحديثِ ما يُنفِقُه المرْءُ على عِيالِه، والمعْنى: أخْرِجوا ما تُنفِقون بكَيلٍ مَعلومٍ يُبلِّغْكم إلى المُدَّةِ التي قَدَّرْتُم؛ فإنَّهم كانوا يَأكُلون بلا كَيلٍ، فيَزِيدون في الأكْلِ
ولا يُعارِضُ هذا الحديثُ حَديثَ أمِّ المؤمنينَ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها في الصَّحيحَينِ: « كان عِندي شَطْرُ شَعيرٍ، فأكلْتُ منه حتَّى طال علَيَّ، فكِلْتُه ففَنِيَ»؛. وأُجِيبَ بأنَّ الكَيلَ عند المُبايَعةِ مَندوبٌ إليه؛ لأنَّه محبوبٌ مِن أجْلِ تعَلُّقِ حَقِّ المتابيعَينِ، وأمَّا الكَيلُ عندَ الإنفاقِ فمَكروهٌ؛ لأنَّ الباعِثَ عليه الشُّحُّ