حديث بسر بن محجن، عن أبيه
مستند احمد
حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، قال سفيان، مرة: عن بسر، أو بشر بن محجن، ثم كان يقول بعد عن ابن محجن الديلي، عن أبيه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، فحضرت الصلاة، فصلى فقال لي: «ألا صليت؟» . قال: قلت: يا رسول الله، قد صليت في الرحل، ثم أتيتك. قال: «فإذا فعلت، فصل معهم، واجعلها نافلة» . قال أبي: ولم يقل أبو نعيم، ولا عبد الرحمن: واجعلها نافلة
علَّمنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم آدابَ صَلاةِ الجَماعَةِ، وفَضْلَها وأهمِّيَّتَها في إظْهارِ وَحْدةِ المُسلِمينَ وعَدَمِ فُرْقَتِهم
وفي هذا الحديثِ يَروي عبدُ اللهِ بنُ عمرِو بنِ العاصِ حَديثًا له قِصَّةٌ، وذلك أنَّه "صلَّى معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم"، أي: صَلاةَ جَماعةٍ، "فلما صلَّى"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم وأصْحابُه الذين معَه، "إذا رَجُلانِ لَم يُصلِّيا في ناحيَةِ المسْجِدِ"، أي: لم يُصلِّيا معَ الجَماعَةِ، بَعيدَيْنِ عَن مُصلَّى الجَماعةِ، "فدَعا بهما"، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم طَلَبَهما، "فجيءَ بهما تُرعَدُ فَرائِصُهما"، أي: تَفْزَعُ وتَرتجِفُ، وهذا كِنايةٌ عن شِدَّةِ خَوْفِهما، والفَريصَةُ: اللَّحْمةُ التي بين الجَنْبِ والكَتِفِ، فقال لهما النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "ما مَنَعَكما أن تُصَلِّيَا معَنا؟"، أي: تَلْحَقا بالجَماعَةِ، "قالا: قد صَلَّيْنا في رِحالِنا"، أي: في مَنازِلِنا، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لا تَفعَلوا"، أي: مَرَّةً أُخْرى، "إذا صَلَّيْتُما في رِحالِكُما"، أي: في مَنزِلِكُما، وهذا إِشارَةٌ إلى أنَّه يُريدُ صَلاةَ الفَريضَةِ، "ثم أَتَيْتُما الإمامَ"، أي: أدْرَكَ الجماعَةَ في الصَّلاةِ التي كان صَلَّاها في مَنزِلِه، "فصَلِّيَا معه"، أي: فلْيُصلِّ ويُلْحِقْ نفسَه بالجَماعَةِ؛ "فتكونُ لكما نافِلَةً، والتي في رِحالِكُما فَريضَةً"، أي: إنَّ صَلاتَهما معَ الجَماعَةِ تكونُ في حُكمِ النافلةِ؛ وذلك لكيلا يُساءَ بهما الظنُّ، أو لكيلا تحَدُثَ فِتنةٌ