حديث تميم الداري 4
مستند احمد
حدثنا أبو المغيرة، قال: حدثنا صفوان، قال: حدثني سليم بن عامر، عن تميم الداري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «[ص:155] ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر» وكان تميم الداري، يقول: «قد عرفت ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز، ولقد أصاب من كان منهم كافرا الذل والصغار والجزية»
بَعَثَ اللَّهُ نَبيَّه محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَشيرًا ونذيرًا للنَّاسِ كافَّةً، فبلَّغَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما أمَرَه به رَبُّه أتَمَّ البلاغِ، واجتَهَدَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في دَعوةِ أمَّتِه أتَمَّ الاجتِهادِ، ووعَدَه اللهُ تعالى بانتِشارِ دينِه وظُهورِه على سائِرِ الأديانِ
فقال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33]، فدينُ اللهِ تعالى مَنصورٌ وغالِبٌ، ومَن أسلَمَ نالَه العِزُّ والخَيرُ، ومَن كفَرَ نالَه الذُّلُّ والخِزيُ، وقد قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُبَيِّنًا انتِشارَ الإسلامِ في كُلِّ مَكانٍ: ليَبلُغَنَّ هذا الأمرُ، أي: الإسلامُ، ما بَلَغَ اللَّيلُ والنَّهارُ، أي: جَميعَ الأرضِ، فكُلُّها يَأتي عليها اللَّيلُ والنَّهارُ، ولا يَترُكُ اللهُ بَيتَ مَدَرٍ، أي: الطِّينِ، وبَيتُ المَدَرِ هيَ بُيوتُ أهلِ القُرى والأمصارِ، ولا وَبَرٍ، أي: شَعرِ الإبِلِ، وبَيتُ الوَبَرِ هيَ بُيوتُ أهلِ البَوادي يَتَّخِذونَ بُيوتَهم مِن وَبَرِ الإبِلِ، إلَّا أدخَلَه اللهُ هذا الدِّينَ، أي: الإسلامَ، بعِزِّ عَزيزٍ، أي: بعِزِّ شَخصٍ عَزيزٍ، يُعِزُّه اللهُ تعالى بكَلمةِ الإسلامِ حَيثُ قَبِلَها بغَيرِ سَبيٍ أو قِتالٍ. أو بذُلِّ ذَليلٍ، أي: يُذِلُّه اللهُ تعالى بها بسَبَبِ إبائِه بذُلِّ سَبيٍ أو قِتالٍ حَتَّى يَدينَ لَها ويَنقادَ إلَيها طَوعًا أو كَرهًا، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ به الإسلامَ، وذُلًّا يُذِلُّ اللهُ به الكُفرَ. فكان تَميمٌ الدَّاريُّ رَضِيَ اللهُ عنه -وهو راوي الحَديثِ- يَقولُ: قد عَرَفتُ ذلك في أهلِ بَيتي، أي: عَرَفتُ مِصداقَ كَلامِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أهلِ بَيتي، فلَقد أصابَ، أي: نال، مَن أسلَمَ مِن أهلِ بَيتي الخَيرُ والشَّرَفُ والعِزُّ، ولَقد أصابَ مَن كان مِنهم كافِرًا الذُّلُّ والصَّغارُ، أي: الهَوانُ والاحتِقارُ، والجِزيةُ، أي: دَفْعُ الجِزيةِ، وهيَ المالُ الذي يَدفعونَه في مُقابِلِ أمنِهم واستِقرارِهم تَحتَ حُكمِ الإسلامِ
وفي الحَديثِ اليَقينُ بانتِشارِ الإسلامِ
وفيه أنَّ العِزَّةَ للإسلامِ والمُسلمينَ
وفيه أنَّ الذُّلَّ والصَّغارَ للكُفرِ والكافِرينَ
وفيه تَحَقُّقُ ما أخبَرَ به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم