حديث خرشة بن الحر
مستند احمد
حدثنا علي بن بحر، قال: حدثنا محمد بن حمير الحمصي، قال: حدثنا ثابت بن عجلان، قال: سمعت أبا كثير المحاربي، يقول: سمعت خرشة بن الحر، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ستكون من بعدي فتنة، النائم فيها خير من اليقظان، والقاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الساعي، فمن أتت عليه فليمش بسيفه إلى صفاة، فليضربه بها حتى ينكسر، ثم ليضطجع لها حتى تنجلي عما انجليت»
الواجبُ على المُسلمِ أنْ يَجتنِبَ مَواضِعَ الفِتنِ؛ لأنَّه لا أحَدَ يَأمَنُ على نفْسِه منها، والمَعصومُ مَن عَصَمَه اللهُ تعالَى، وقدْ أرشَدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه إلى ما يَجِبُ فِعلُه في وَقتِ الفِتنِ، وحذَّرَها مِن سُوءِ عاقِبةِ الانخِراطِ فيها
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه ستَحصُلُ وتَأْتي فِتنٌ على هذه الأُمَّةِ، والمُرادُ بهذه الفِتنِ: الَّتي يَختلِطُ فيها الحقُّ بالباطلِ؛ فلا يُعلَمُ المُحِقُّ فيها مِن المُبطِلِ، ويُقاتَلُ فيها على الدُّنْيا. «القاعِدُ فيها خَيرٌ مِن القائمِ، والقائمُ فيها خَيرٌ منَ الماشي، والماشي فيها خَيرٌ منَ السَّاعي»، والمَقصودُ بَيانُ عِظَمِ خَطَرِها، والحَثُّ على تَجنُّبِها، والهرَبِ منها، وعدَمِ التَّسبُّبِ في شَيءٍ منها؛ لأنَّ سَببَها وشَرَّها وفِتنتَها تكونُ على حسَبِ التَّعلُّقِ بها؛ فالقاعِدُ يكونُ أقلَّ مِن الماشي، والماشي أقلَّ مِنَ السَّاعي، وهكذا، «ومَن يُشرِفْ لها تَستَشْرِفْه»، أي: مَن يَتطلَّعْ إليها ويَتعرَّضْ لها تَغلِبْه وتُهلِكْه، «ومَن وجَدَ مَلْجأً، أو مَعاذًا فلْيَعُذْ به»، أي: مَن وَجدَ طَريقًا يَتِّقي به المُشارَكةَ في هذه الفِتَنِ فلْيفعَلْ، ولْيَعْصِمْ دِينَه ودُنْياه مِن الخَوضِ فيها
وفي الحَديثِ: عَلامةٌ مِن عَلاماتِ النُّبوَّةِ
وفيه: الإخْبارُ بوُقوعِ الفِتنِ للتَّحْذيرِ منها، وليَتأهَّبَ النَّاسُ لها، فلا يَخوضوا فيها، ويَسأَلوا اللهَ الصَّبرَ والنَّجاةَ مِن شَرِّها