حديث ربيعة بن كعب الأسلمي 4
مسند احمد
حدثنا أبو اليمان، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن نعيم بن مجمر، عن ربيعة بن كعب قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سلني أعطك» ، قلت: يا رسول الله، أنظرني أنظر في أمري، قال: «فانظر في أمرك» ، قال: فنظرت فقلت: إن أمر الدنيا ينقطع فلا أرى شيئا خيرا من شيء آخذه لنفسي لآخرتي، فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ما حاجتك؟» ، فقلت: يا رسول الله، اشفع لي إلى ربك عز وجل، فليعتقني من النار، فقال: «من أمرك بهذا؟» ، فقلت: لا والله يا رسول الله، ما أمرني به أحد، ولكني نظرت في أمري فرأيت أن الدنيا زائلة من أهلها، فأحببت أن آخذ لآخرتي، قال: «فأعني على نفسك بكثرة السجود»
كان الصَّحابةُ حَريصِينَ على سُؤالِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، والتَّعرُّفِ على مَعالي الأمورِ الَّتي تُدخِلُ الجنَّةَ وتُبعِدُ عنِ النَّارِ، وكانوا مِن حُبِّهم له يسأَلونه مُرافقتَه في الجنَّةِ
وفي هذا الحَديثِ يقولُ ربيعةُ بنُ كعبٍ الأَسْلميُّ رضِي اللهُ عنه: كنتُ أَبِيتُ، أي: مِن اللَّيلِ، مع رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فأتَيْتُه بوَضوئِه وحاجتِه"، أي: أحضَرتُ له الماءَ الَّذي يتوضَّأُ به، وما يحتاجُ إليه في أمرِ الطَّهارةِ وغيرِها. فقال لي النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "سَلْ"، أي: اطلُبْ منِّي حاجتَك، أو ما تُريدُه
فقلتُ: "أسأَلُك مرافقتَك في الجنَّةِ، أي: أكون قريبًا منك ومصاحِبًا لك، قال: "أوَ غيرَ ذلك؟!"، أي: هل تطلُبُ طلبًا غيرَ ذلك، مِن أمورِ الدُّنيا أو الآخرةِ؛ وذلك تأكيدًا وتَثبيتًا لطَلبِه، أو لعلَّ مراجعةَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم له في طَلبِه؛ ليتأكَّدَ مِن إصرارِه عليه
قلتُ: هو ذاكَ! أي: أنْ أكون رفيقَك بالجَنَّة، فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "فأَعِنِّي على نفسِكَ بكثرةِ السُّجودِ"، أي: أَعنِّي على هذا الأمرِ حتَّى يُحقِّقَه اللهُ لك؛ فالزَمْ كثرةَ السُّجودِ للهِ في الصَّلاةِ، في الفرائضِ والنَّوافلِ، وهذا السُّجودُ سببٌ لدخولِ الجنَّةِ ومرافقتِك لي بها
وفي الحديثِ: الحثُّ على كثرةِ السُّجودِ، والتَّرغيبُ فيه، وذلك بإطالةِ السُّجود وكثرةِ الصَّلاةِ
وفيه: بيانُ حِرصِ الصَّحابةِ على السُّؤالِ عن معالي الأمورِ وما يُدخِلُ الجنَّةَ