حديث زيد بن أرقم 26

مستند احمد

حديث زيد بن أرقم 26

حدثنا أسود بن عامر، حدثنا إسرائيل، عن عثمان بن المغيرة، عن علي بن ربيعة قال: لقيت زيد بن أرقم وهو داخل على المختار أو خارج من عنده، فقلت له: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إني تارك فيكم الثقلين» ؟ قال: نعم "

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُوصِي الصَّحابةَ رَضِي اللهُ عَنهم ويُوصِي الأمَّةَ كلَّها بما يَنفَعُهم في آخِرَتِهم؛ حِرصًا عليهم، وأداءً لأمانةِ الوحيِ الَّتي وُكِلَت إليه
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنِّي تارِكٌ فيكم"، أي: ترَكتُ لكم بعدَ مَوتي "ما إن تمَسَّكتُم به"، أي: أخَذتُم "لن تَضِلُّوا بَعدي"، أي: لا تَكونوا في ضلالٍ وزَيغٍ عن الحقِّ أبدًا: "كتابَ اللهِ" أي: القرآنَ الكريمَ، وهو أعظمُ وأفضلُ ما تَتأسَّون به، وتَقتَدون به؛ لأنَّه كلامُ اللهِ سبحانه وتعالى؛ فاحفَظوه واعمَلوا بما فيه؛ لأنَّه يَهديكم إلى الطَّريقِ المستقيمِ وإلى الحقِّ فلا تَضِلُّوا، ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عن القرآنِ: إنَّه "حبلٌ"، أي: سببٌ ووُصلةٌ "ممدودٌ"، أي: موصولٌ من السَّماءِ إلى الأرضِ، والمقصودُ: أن تتمسَّكوا به وأن تَعمَلوا بأحكامِه؛ لأنَّه سيَكونُ سببًا للنَّجاةِ مِن الوقوعِ فيما يُغضِبُ اللهَ، ثمَّ أوصى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بالإحسانِ والبِرِّ بأهلِ بيتِه
ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "وعِتْرتي أهلُ بيتي"، أي: أحبُّوهم وتَمسَّكوا بما كانوا عليه واهْتَدُوا بهَديِهم وسِيرتِهم، وعِترتُه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم هم أزواجُه ونِساؤُه وقرابتُه، الَّذين ساروا على طَريقِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، المتَّبِعون لسُنَّتِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فلهُم الحبُّ والتَّكريمُ والتَّوقيرُ والإحسانُ إليهم، كعَليٍّ وبَنيه، والعبَّاسِ وبَنيه، وأَهْلُ الْبَيْتِ غَالِبًا يَكونونَ أَعرَفَ بِصاحِبِ البَيْتِ وأَحوالِه، فالمُرادُ بِهم أهلُ العِلْمِ مِنْهم المُطَّلِعونَ على سيرَتِه، الواقِفونَ على طَريقَتِه، العارِفونَ بحُكْمِه وحِكْمَتِه، ولِهَذا جاز أن يُعطَفوا على كتابِ اللهِ سُبْحانه كما قال: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}، ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ولن يتَفرَّقا"، أي: كتابُ اللهِ سبحانه وتعالى، وعِترتُه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "حتَّى يَرِدا علَيَّ الحوضَ"، أي: يَمُرَّا عليَّ، وأنا على الحوضِ والكوثرِ
ثمَّ أخبَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وكأنَّه سيَعرِفُ مَن اتَّقى اللهَ واتَّبَع كتابَه، ومَن أحسَن إلى عِتْرتِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فسَيَرِدون عليه الحوضَ ويَشرَبون مِن يدَيه الشَّريفتين، وأمَّا مَن ضلَّ ومال عن كتابِ اللهِ، وأساء إلى أهلِ بيتِ النَّبيِّ "فانظُروا"، أي: تأمَّلوا وتفكَّروا "كيف تَخلُفوني"، أي: كيف يكونُ حالُكم بَعدي "فيهِما" مُتمسِّكين بالقُرآنِ عامِلين به مُحبِّين لأهلِ بيتي، أو مُفرِّطين في كِتابِ اللهِ هاجِرين له ولهم
وفي الحديثِ: الحثُّ والتأكيدُ على التمسُّكِ بالقرآنِ الكريمِ؛ لأنَّه سببُ النجاةِ
وفيه: الحَثُّ والتأكيدُ على احترامِ آل البَيتِ وتوقيرِهم وإبرارِهم وحُبِّهم