حديث زيد بن أرقم 37
مستند احمد
حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت أبا حمزة قال: قالت الأنصار: يا رسول الله، إن لكل نبي أتباعا، وإنا قد تبعناك، فادع الله عز وجل أن يجعل أتباعنا منا، قال: «فدعا لهم أن يجعل أتباعهم منهم» قال: فنميت ذلك إلى ابن أبي ليلى فقال: زعم ذلك زيد يعني ابن أرقم
إنَّ مِن سِماتِ المُؤمِنِ الصَّادقِ أنْ يُحِبَّ لإخْوانِه المُؤمِنينَ مِن الخَيرِ والفَضلِ والرِّفْعةِ ما يُحِبُّه لنَفْسِه
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي زَيدُ بنُ أرْقَمَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ الأنْصارَ قالوا: «يا رَسولَ اللهِ، لكُلِّ نَبيٍّ أتْباعٌ» يَتبَعونَه، ويَنصُرونَه، ونحن أتْباعُكَ، فادْعُ اللهَ أنْ يَجعَلَ أتْباعَنا -أي: حُلَفاءَنا ومَوالِيَنا- مِنَّا، أي: في الشَّرفِ والرُّتْبةِ، ومُتَّصِلينَ بنا، مُقتَفينَ آثارَنا بإحْسانٍ؛ ليَكونَ لهم ما جُعِلَ لنا مِن العِزِّ والشَّرفِ، وحتَّى يَنالَهم شَرفُ قَولِه تعالَى: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100]، والمُرادُ: أنْ يُقالَ لهمُ: «الأنْصارُ»؛ حتَّى تَتَناوَلَهمُ الوَصيَّةُ بهم بالإحْسانِ إليهم، ونَحوِ ذلك، فدَعا لهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بما سَأَلوا، فجعَل أتْباعَهم منهم
وفي الحَديثِ: التَّنْبيهُ على شَرفِ صُحبةِ الأخْيارِ
وفيه: مُبادَرةُ المُسلِمِ ومُسارَعتُه للأعْمالِ الَّتي فيها نَفعٌ للعِبادِ متى ما طُلِبَ منه ذلك، كما فعَل رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منَ الدُّعاءِ لأتْباعِهم، ولم يَتَوانَ في ذلك