حديث زيد بن أرقم 9
مستند احمد
حدثنا محمد بن عبيد، وأبو المنذر، قالا: حدثنا يوسف بن صهيب، قال أبو المنذر في حديثه قال: حدثني حبيب بن يسار، عن زيد بن أرقم قال: لقد كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم «لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضة، لابتغى إليهما آخر، ولا يملأ بطن ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب»
جيلُ الصَّحابةِ خَيرُ القُرونِ، وهم أيضًا خَيرُ هذه الأمَّةِ، أثنى اللهُ تعالى عليهم، ومَدَحَهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وبَيَّنَ فضلَهم في أحاديثَ كَثيرةٍ؛
وذلك لِما قاموا به من نُصرةِ هذا الدِّينِ والجِهادِ في سَبيلِ اللهِ تعالى، ومِن خيرةِ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الصَّحابيُّ الجَليلُ أُبَيُّ بنُ كَعبٍ رَضيَ اللهُ عنه، ومِمَّا جاءَ في فَضلِه أنَّ اللَّهَ تعالى أمَر رَسولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَقرَأَ على أُبَيِّ بنِ كَعبٍ القُرآنَ! وإنَّما خَصَّه للتَّنويهِ به في أنَّه أقرَأُ الصَّحابةِ، فقَرَأ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أُبيٍّ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا}، أي: سورةَ البَيِّنةِ. وقَرَأ فيها، أي: كان مِن ضِمنِ سورةِ البَيِّنةِ في ذلك الوقتِ: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ -أي: الشَّريعةُ المائِلةُ عن كُلِّ دينٍ باطِلٍ إلى الدِّينِ الحَقِّ؛ فهيَ حَنيفيَّةٌ في التَّوحيدِ، وأصلُ الحَنَفِ المَيلُ، والحَنيفُ: المائِلُ إلى الإسلامِ الثَّابتُ عليه، والحَنيفُ عِندَ العَرَبِ مَن كان على دينِ إبراهيمَ عليه السَّلامُ- المُسلِمةُ، أي المَنسوبةُ إلى الإسلامِ. لا اليَهوديَّةُ ولا النَّصرانيَّةُ ولا المَجوسيَّةُ، مَن يَعمَلْ خَيرًا لَن يُكفَرَه، أي: لَن يَعدَمَ ثَوابَه ولَن يُحرَمَه، بَل يَشكُرُه اللهُ له ويُجازيه به. وقَرَأ عليه، أي: وكان مِن ضِمنِ ما قَرَأه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أُبَيٍّ: لَو أنَّ لابنِ آدَمَ واديًا مِن مالٍ لابتَغى إلَيه ثانيًا، ولَو كان ثانيًا لابتَغى إلَيه ثالثًا، أي: أنَّ ابنَ آدَمَ يَحرِصُ على المالِ حِرصًا شَديدًا مَهما كان مَعَه مِنَ المالِ، ولا يَملَأُ جَوفَ ابنِ آدَمَ إلَّا التُّرابُ، أي: أنَّه لا يَزالُ حَريصًا على الدُّنيا حَتَّى يَموتَ ويَمتَلئَ جَوفُه مِن تُرابِ قَبرِه! ويَتوبُ اللَّهُ على مَن تابَ، أي: أنَّ اللَّهَ يَقبَلُ التَّوبةَ مِنَ الحِرصِ المَذمومِ وغَيرِه مِنَ المَذموماتِ. ثُمَّ نُسِخَت هذه الألفاظُ مِن هذه السُّورةِ وبَقيَت مَعانيها
وفي الحَديثِ فَضلُ أُبَيِّ بنِ كَعبٍ رَضيَ اللهُ عنه
وفيه مَشروعيَّةُ قِراءةِ الشَّيخِ على الطَّالِبِ
وفيه ذَمُّ الحِرصِ على الدُّنيا وحُبِّ المُكاثَرةِ بها والرَّغبةِ فيها
وفيه وُقوعُ النَّسخِ في القُرآنِ