حديث عبد الله بن الزبير بن العوام 21
مستند احمد
حدثنا هارون بن معروف، قال عبد الله: وسمعته أنا من هارون، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: حدثني عبد الله بن الأسود القرشي، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أعلنوا النكاح»
نظَّمَ الشَّرعُ الحكيمُ أُمورَ الزَّواجِ الشَّرعيِّ، وحثَّنَا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على كلِّ خيرٍ وفَضيلةٍ، وأمَرَنا بنَشرِ المَكارِمِ، ومِن ذلك إعلانُ وإشهارُ النِّكاحِ
وفي هذا الحديثِ أنَّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "أعْلِنوا بالنِّكاحِ"، أي: أشْهِروه وأعْلِموا الناسَ به؛ إظْهارًا للسُّرورِ، وفرْقًا بيْنه وبيْن غيرِه مِن المآربِ، "واجْعَلوه في المساجِدِ"؛ لِيَشهَدَه الناسُ، ولِيَدْعُوا بالخَيرِ والبركةِ، "واضْرِبوا عليه بالدُّفِّ -وفي رِوايةٍ: بالدُّفوفِ-" والدُّفُّ آلةٌ مُدوَّرةٌ تُغطَّى بجِلدٍ مَشدودٍ على أطرافِها، ويُصدِرُ صوتًا يُشبِهُ الطَّبلَ، وليس فيه صَلْصلةٌ، وهو مِن اللَّهوِ المباحِ في الأعراسِ والأفراحِ
وفي حديث ابنِ ماجَهْ، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فَصْلُ ما بيْن الحَلالِ والحَرامِ: الدُّفُّ والصَّوتُ في النِّكاحِ"؛ لكي يَتميَّزَ النِّكاحُ الشَّرعيُّ الصَّحيحُ الَّذي جاء به الشَّرعُ عن السِّفاحِ، فلا بُدَّ مِن الإعلانِ والإشهارِ؛ لأنَّ الزِّنا هو نِكاحُ السِّرِّ، أمَّا الزَّواجُ فهو النِّكاحُ المُعلَنُ والمُظْهَرُ. ولكنْ إذا انعقَدَ النِّكاحُ بحُضورِ وَلِيِّ المرأةِ مع شاهِدَيْ عَدْلٍ، مع توفُّرِ أركانِ العقْدِ الأُخرى؛ مِن صَداقٍ، وصِيغَةٍ، فهو نِكاحٌ صَحيحٌ على كلِّ حالٍ، ولا يُعْتَبَرُ هذا إشهارًا للنِّكاحِ؛ لأنَّ المقصودَ بالإشهارِ الضَّربُ بالدُّفِّ، والغِناءُ المُباحُ، وإظهارُه بيْن النَّاسِ
وفي الحديثِ: بَيانُ حِرصِ الشَّرعِ الكريمِ على إظهارِ النِّكاحِ الصَّحيحِ؛ دَرْءًا للشُّبهةِ