حديث عبد الله بن الزبير بن العوام 4
مستند احمد
حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني أبي إسحاق بن يسار، قال: إنا لبمكة، إذ خرج علينا عبد الله بن الزبير فنهى عن التمتع بالعمرة إلى الحج، وأنكر أن يكون الناس صنعوا ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك عبد الله بن عباس، فقال: وما علم ابن الزبير بهذا، فليرجع إلى أمه أسماء بنت أبي بكر فليسألها، فإن لم يكن الزبير قد رجع إليها حلالا وحلت، فبلغ ذلك أسماء فقالت: يغفر الله لابن عباس، والله لقد أفحش، والله قد صدق ابن عباس «لقد حلوا وأحللنا وأصابوا النساء»
قوله : إلا ما تعرف إباحته ) أي بدلالة السياق أو قرينة الحال أو قيام الدليل على ذلك
قوله : وكذلك أمره ) أي يحرم مخالفته لوجوب امتثاله ما لم يقم الدليل على إرادة الندب أو غيره
قوله ( نحو قوله حين أحلوا ) أي في حجة الوداع ، لما أمرهم ففسخوا الحج إلى العمرة وتحللوا من العمرة ، والمراد بالأمر صيغة افعل والنهي : لا تفعل ، واختلفوا في قول الصحابي : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا أو نهانا عنه ، فالراجح عند أكثر السلف أن لا فرق ، وقد أنهى بعض الأصوليين صيغة الأمر إلى سبعة عشر وجها ، والنهي إلى ثمانية أوجه ، ونقل القاضي أبو بكر بن الطيب عن مالك والشافعي : أن الأمر عندهما على الإيجاب والنهي على التحريم حتى يقوم الدليل على خلاف ذلك ، وقال ابن بطال : هذا قول الجمهور ، وقال كثير من الشافعية وغيرهم : الأمر على الندب والنهي على الكراهة حتى يقوم دليل الوجوب في الأمر ودليل التحريم في النهي ، وتوقف كثير منهم وسبب توقفهم ورود صيغة الأمر للإيجاب والندب والإباحة والإرشاد وغير ذلك ، وحجة الجمهور أن من فعل ما أمر به استحق الحمد ، وأن من تركه استحق الذم ، وكذا بالعكس في النهي ، وقول الله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم يشمل الأمر والنهي ، ودل الوعيد فيه على تحريمه فعلا وتركا
قوله : أصيبوا من النساء ) هو إذن لهم في جماع نسائهم إشارة إلى المبالغة في الإحلال ، إذ الجماع يفسد النسك دون غيره من محرمات الإحرام ، ووقع في رواية حماد بن زيد عن ابن جريج في " كتاب الشركة " فأمرنا فجعلناها عمرة ، وأن نحل إلى نسائنا ، ثم ذكر في الباب أحاديث
الأول : قوله ( وقالت أم عطية نهينا عن اتباع الجنائز ، ولم يعزم علينا ) تقدم موصولا في " كتاب الجنائز " وبينه وبين حديث جابر فرق من جهة اختلاف السببين ، فالقصة التي في رواية جابر كانت إباحة بعد حظر فلا تدل على الوجوب للقرينة المذكورة لكن أراد جابر التأكيد في ذلك ، والقصة التي في حديث أم عطية نهي بعد إباحة فكان ظاهرا في التحريم ، فأرادت أن تبين لهم أنه لم يصرح لهم بالتحريم ، والصحابي أعرف بالمراد من غيره ، وقد تقدم شرح ذلك مستوفى في " كتاب الجنائز "
الحديث الثاني : قوله : حدثنا المكي بن إبراهيم عن ابن جريج قال عطاء وقال جابر قال أبو عبد الله ، وقال محمد بن بكر حدثنا ابن جريج أخبرني عطاء سمعت جابر بن عبد الله ) أما قوله " وقال جابر " فهو معطوف على شيء محذوف يظهر مما تقدم في باب " من أهل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم " من " كتاب الحج ، وفي باب " بعث علي إلى اليمن ، من أواخر كتاب المغازي بهذين السندين معلقا وموصولا ، ولفظه " أمر النبي صلى الله عليه وسلم عليا أن يقيم على إحرامه ) فذكر هذه القصة ثم قال وقال جابر : أهللنا بالحج خالصا ، وأما التعليق فوصله الإسماعيلي من الطريق المذكورة عن محمد بن بكر وخرجه أيضا من طريق يحيى القطان عن ابن جريج ، وأفادت رواية محمد بن بكر التصريح بسماع عطاء من جابر ، وقوله " في أناس معه " فيه التفات ونسق الكلام أن يقول معي ، ووقع كذلك في رواية يحيى القطان ، وقوله : أهللنا بالحج خالصا ليس معه عمرة . هو محمول على ما كانوا ابتدءوا به ثم وقع الإذن بإدخال العمرة على الحج وبفسخ الحج إلى العمرة فصاروا على ثلاثة أنحاء مثل ما قالت عائشة ( منا من أهل بحج ومنا من أهل بعمرة ، ومنا [ ص: 350 ] من جمع ) وقد تقدم ذلك مشروحا في " كتاب الحج " وقوله " وقال عطاء عن جابر : هو موصول بالسندين المذكورين
قوله : صبح رابعة ) تقدم بيانه في حديث أنس في الباب المشار إليه
قوله ( قال عطاء قال جابر ) هو موصول بالسند المذكور ، وقوله " وقال محمد بن بكر عن ابن جريج : هو موصول عند الإسماعيلي كما تقدم
قوله ( ولم يعزم عليهم ) أي في جماع نسائهم أي لأن الأمر المذكور إنما كان للإباحة ولذلك قال جابر : ولكن أحلهن لهم وقد تقدم في الباب المذكور قالوا أي الحل قال : الحل كله
قوله ( فبلغه أنا نقول لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس ليال ) أي أولها ليلة الأحد وآخرها ليلة الخميس ; لأن توجههم من مكة كان عشية الأربعاء فباتوا ليلة الخميس بمنى ودخلوا عرفة يوم الخميس
قوله ( فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المذي ) في رواية المستملي " المني " وكذا عند الإسماعيلي ويؤيده ما وقع في رواية حماد بن زيد بلفظ ( فيروح أحدنا إلى منى وذكره يقطر منيا " وإنما ذكر منى ; لأنهم يتوجهون إليها قبل توجههم إلى عرفة
قوله : ويقول جابر بيده هكذا وحركها ) أي أمالها ، وفي رواية حماد بن زيد بلفظ : فقال جابر : بكفه ، أي أشار بكفه قال الكرماني : هذه الإشارة لكيفية التقطر ويحتمل أن يكون إلى محل التقطر ووقع في رواية الإسماعيلي قال يقول جابر كأني أنظر إلى يده يحركها ، وهذا يحتمل أن يكون مرفوعا
قوله ( فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ) زاد في رواية حماد خطيبا فقال بلغني أن أقواما يقولون كذا وكذا
قوله : قد علمتم أني أتقاكم لله وأصدقكم ) في رواية حماد : والله لأنا أبر وأتقى لله منهم " . قوله ( ولولا هديي لحللت كما تحلون ) في رواية الإسماعيلي لأحللت ، وكذا مضى في باب ( عمرة التنعيم من طريق حبيب المعلم " عن عطاء عن جابر وهما لغتان : حل وأحل وتقدم شرح الحديث هناك ، إلا أنه لم يذكر فيه كلام جابر بتمامه ولا الخطبة
قوله ( فحلوا ) كذا فيه بصيغة الأمر من حل . وقوله : فحللنا وسمعنا وأطعنا ) في رواية الإسماعيلي فأحللنا