حديث عبد الله بن بسر المازني 11
مستند احمد
حدثنا عفان، حدثنا شعبة، عن يزيد بن خمير، عن عبد الله بن بسر، قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي فنزل عليه، أو قال له أبي انزل علي، قال: فأتاه بطعام وحيسة وسويق، فأكله، وكان يأكل التمر ويلقي النوى، - وصف بأصبعيه السبابة والوسطى بظهرهما - من فيه، ثم أتاه بشراب، فشرب ثم ناوله من عن يمينه، فقام فأخذ بلجام دابته، فقال: ادع لي، فقال: «اللهم بارك لهم فيما رزقتهم، واغفر لهم، وارحمهم»
كان الصَّحابةُ الكرامُ في المدينةِ يُهْدون إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ويَدْعونه إلى طَعامِهم، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُلبِّي الدَّعوةِ ويَدْعو اللهَ لهم بالبرَكةِ
وفي هذا الحديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ بُسرٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نزَلَ ضَيفًا على والِده؛ فقرَّبُوا إليه، أي: وضَعُوا له طعامًا «ووَطْبَةً»، وهو طَعامٌ يُتَّخَذُ مِن التَّمرِ حيث يُخرَجُ نَواهُ ويُعجَنُ باللَّبَنِ، فَأكلَ منها النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ جِيءَ له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِتمرٍ فكان يَأكُلُه ويُلْقِي النَّوى بَيْنَ أُصبعَيْه السَّبَّابةِ والوُسْطَى، بمعنى أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يُلقيهِ في وِعاءِ التَّمرِ؛ لئلَّا يَختلِطَ بالتَّمرِ، ولا يَرمِيه على الأرضِ مُحافَظةً على نَظافةِ المكانِ، وفَسَّره بعضُهم بأنَّه كان يَجمَعُها بيْنَ أصابعهِ لِيَرمِيَها بعدَ ذلك في مَحلٍّ مُناسِبٍ، ثُمَّ أُتِيَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِشرابٍ مِن ماءٍ أو ما يقومُ مَقامَه فَشَربَه ثُمَّ أعطاه لِلَّذي عَن يَمينِه، ثُمَّ بعْدَ جَلستِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عندَ أهلِ بَيتِ عبدِ اللهِ، قام فرَكِبَ دابَّتَه لِيَنصرِفَ، فأمسَكَ بُسرٌ والدُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما بِلِجامِ دابَّةِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وطلَبَ منه أنْ يَدعوَ اللهَ له ولأهْلِه، فدعا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقال: «اللَّهمَّ بارِكْ لهم فيما رزقْتَهم»، وعلامةُ البرَكةِ القناعةُ والتَّوفِيقُ لِلطَّاعةِ، «واغْفرْ لهم» أي: ذُنوبَهم، «وارحَمْهم»: بِالتَّفضُّلِ عليهم، فجَمَع صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لهم في هذا الدُّعاءِ خَيرَي الدُّنيا والآخرةِ
وفي الحديثِ: تعليمُ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه أدَبَ أكْلِ التَّمرِ
وفيه: أنَّ مِن هدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُدارَ الشَّرابُ ونحوُه على اليمينِ
وفيه: المبادرةُ في إكرامِ الضَّيفِ، وتَقديمِ الطَّعامِ والشَّرابِ له
وفيه: طَلبُ الدُّعاءِ مِن أهلِ الفضْلِ والصَّلاحِ
وفيه: دُعاءُ الضَّيفِ لأهلِ بَيتِ الضِّيافةِ بتَوسِعةِ الرِّزقِ