حديث عبد الله بن سرجس8
مسند احمد
حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن سرجس، قال: أقيمت الصلاة، صلاة الصبح، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي ركعتي الفجر، فقال له: " بأي صلاتيك احتسبت، بصلاتك وحدك، أو صلاتك التي صليت معنا؟ "
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَريمًا طيِّبَ الخُلقِ مع أصحابِه، وكان يُحسِنُ مُخالَطتَهم ويَدْعو لهم، وكانوا يُبادِلونه الحُبَّ والمودَّةَ، ومِن شِدَّةِ حُبِّهم له حَفِظوا صِفاتِه الحسِّيَّةَ والمَعنويَّةَ، وحَدَّثوا بها مَن بعْدَهم.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ سَرجِسَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه رَأى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقابَلَه، وأَكَلَ معهُ خُبزًا ولَحمًا أو «ثَريدًا»، وهوَ ما يَصنَعُ بِمرَقِ اللَّحمِ مع الخُبزِ وغيرِه، وقدْ يَكونُ مَعه اللَّحمُ غالبًا.
فسَألَه التَّابعيُّ عاصمٌ الأحولُ -الرَّاوي عنه-: هلِ استغفَرَ لك النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ وكان جوابُ عبدِ اللهِ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَخُصَّني بالاستغفارِ، بلِ استَغفَرَ لي، ولكَ، ولجميعِ المسْلِمين؛ حيث أمَرَه اللهُ عزَّ وجلَّ بذلك، ثُمَّ تَلا قَولَ اللهِ تَعالَى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19].
ثُمَّ أخبَرَ عبدُ اللهِ أنَّه دارَ خلْفَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لِيَنظُرَ إلى خاتمِ النُّبوَّةِ الَّذي بينَ كَتِفيه عندَ «ناغض كَتِفِه اليُسرَى» والنَّاغِض هوَ أَعلَى الكَتِفِ، وقيلَ: عَظْمٌ رَقيقٌ عَلى طَرَفِها، «جمعًا»، أي: نَظرَت إِليه فوجَدْتُه مُجتَمِعًا عليه «خِيلانٌ» جَمعُ خالٍ، وهيَ نُقطةٌ تَضرِبُ إلى السَّوادِ، ولعلَّها الشَّامةُ في الجَسدِ «كأَمثالِ الثَّآليلِ» جمْعُ ثُؤلولٍ، وهو خُراجٌ صُلبٌ يَخرُجُ على الجسدِ لَه نُتو واستِدارةٌ، وهيَ هذه الحبَّةُ الَّتي تَظهَرُ في الجَسدِ مثلَ الحِمِّصةِ فما دونَها.
وخاتَمُ النُّبُوَّةِ هو مِمَّا وُصِفَ به في الإنجِيلِ والتَّوْراةِ، فكان أحَدَ العلاماتِ على نُبُوَّتِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.