حديث عتبة بن عبد السلمي أبي الوليد 7
مستند احمد
حدثنا الحكم بن نافع، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن عتبة بن عبد السلمي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يأتي الشهداء والمتوفون بالطاعون، فيقول أصحاب الطاعون: نحن شهداء، فيقال: انظروا، فإن كانت جراحهم كجراح الشهداء تسيل دما ريح المسك، فهم شهداء فيجدونهم كذلك "
مِن رَحمةِ اللهِ تَعالى وفَضلِه على هذه الأُمَّةِ: أنْ جَعَلَ شُهداءَها أنواعًا كَثيرةً، فلم يَقصُرِ الشَّهادةَ على مَن قُتِلَ في المَعرَكةِ ضِدَّ أعدائِه، وإنَّما جَعَلَ شُهَداءَها في أكثَرَ مِن ذلك
كما يُبيِّنُ هذا الحَديثُ حيث قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "يأتي الشُّهَداءُ" الذين قُتِلوا في المَعارِكِ في سَبيلِ اللهِ، وذلك يَومَ القيامةِ، "والمُتوَفَّونَ بالطاعونِ" وهو الذي يَموتُ بالطاعونِ، وهو المَرَضُ العامُّ والوَباءُ، "فيَقولُ أصحابُ الطاعونِ: نحن شُهداءُ، فيُقالُ: انظروا، فإنْ كانت جِراحُهم كجِراحِ الشُّهَداءِ تَسيلُ دَمًا ريحَ المِسكِ"، أي: إنْ كانتْ دِماؤُهم تَنزِفُ وتَفوحُ منها رائِحةُ المِسكِ الطَّيِّبةُ مِثلَ دِماءِ شُهداءِ المَعارِكِ في سَبيلِ اللهِ، وهي الحالُ التي سيَبعَثُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ عليها الشُّهَداءَ يَومَ القِيامةِ، "فهم شُهداءُ، فيَجِدونَهم كذلك" على وَصفِ شُهداءِ المَعارِكِ برَحمةِ اللهِ، وسَبَبُ كَونِ هذه المَوتةِ شَهادةً شِدَّتُها وعَظيمُ الألَمِ فيها؛ فجازاهمُ اللهُ على ذلك، بأنْ جَعَلَ لهم أجْرَ الشُّهَداءِ. وشَهادةُ المَطعونِ هي بالنِّسبةِ لِلأجْرِ في الآخِرةِ ويُعامَلُ في الدُّنيا كسائِرِ الموتَى فيُغسَّلُ ويُكفَّنُ، وليستْ لها أحكامُ شَهيدِ المَعرَكةِ في الدُّنيا من عدَمِ الغُسلِ والتَّكفينِ ونحوِه
وفي الحَديثِ: بَيانُ أنواعِ شُهَداءِ الدُّنيا ومَن لهم أُجورُ الشُّهَداءِ