حديث عثمان بن أبي العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم 10
مستند احمد
قال: وكان آخر شيء عهده النبي صلى الله عليه وسلم إلي أن قال: " جوز في صلاتك واقدر الناس بأضعفهم، فإن منهم الصغير والكبير، والضعيف، وذا الحاجة
مِن فضْلِ اللهِ ونعمَتِه على عِبادِه أنَّه يُضاعِفُ لهم الحسَناتِ؛ فالحسَنةُ بعشْرِ أمثالِها، كما أنه سُبحانَه لا يُحبُّ التَّكلُّفَ في العبادةِ بما لم يأمُرْ به
وهذا المتن جزء من حديث طويل يُخبِرُ فيه عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو رضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال له: "إنَّك لَتصومُ الدَّهرَ، وتقومُ اللَّيلَ؟"، أي: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد أخبَرَ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عمرٍو يصومُ أيامَ الدَّهرِ كاملًا، ويقومُ اللَّيلَ كُلَّه ولا ينامُ، والمُرادُ بالدَّهرِ: العامُ، "فقُلتُ: نَعَمْ"، أي: صَدَّقَ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما قد أخبَرَ به، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّك إذا فعلْتَ ذلك"، أي: بقيتَ وداوَمْتَ على تلك العبادَةِ، "هَجَمَتْ له العَيْنُ"، أي: غارَتْ وضعُفَتْ، "ونَفِهَتْ له النَّفْسُ"، أي: أَعْيَتْ وأُجهِدَتْ، "لا صامَ مَن صامَ الدَّهرَ"، أي: مَن صامَ العامَ كُلَّه، كأنَّه ما صامَه، ولم يأخُذْ عليه أجرًا، وهذا على سبيلِ الزَّجرِ والإنكارِ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "صوْمُ ثلاثةِ أيامٍ من كل شهر صوْمُ الدَّهرِ"، أي: مَن واظَبَ على صِيامِ ثلاثَةِ أيامٍ مِن كلِّ شهرٍ تطوُّعًا، فإنَّ ذلك يعدِلُ ويُساوي في الثَّوابِ والأجْرِ كمَن صامَ السَّنةَ كلَّها، فإنَّ الحسَنةَ تُضاعَفُ إلى عشْرِ حسَناتٍ مِثلِها، فكذلك مَن صام ثلاثةَ أيامٍ مِن كلِّ شهرٍ كان اليَومُ بعشَرَةِ أيامٍ، فإذا صام ثلاثةَ أيامٍ، فكأنَّه صامَ ثلاثينَ يومًا شهرًا كامِلًا، فيكونُ بصيامِه ثلاثةَ أيامٍ كلَّ شهْرٍ، كأنَّه صام السَّنةَ كلَّها
وفي الحديثِ: الأمرُ بالتَّرفُّقِ في العِبادةِ، مع المحافَظةِ عليها، وعلى الفرائضِ والنَّوافلِ؛ لِيُراعِيَ المسلِمُ حُقوقَ غيرِه عليه