حديث عثمان بن أبي العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم 14
مستند احمد
حدثنا معاوية بن عمرو، عن زائدة، عن عبد الله بن خثيم، قال: حدثني داود بن أبي عاصم الثقفي، عن عثمان بن أبي العاص، أن آخر كلام كلمني به رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ استعملني على الطائف فقال: «خفف الصلاة على الناس حتى وقت لي اقرأ باسم ربك الذي خلق وأشباهها من [ص:441] القرآن»
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرَبِّي النَّاسَ على حُسنِ الخُلُقِ، وعلى مُراعاةِ بَعضِهم أحوالَ بَعضٍ، حتى في العِبادةِ والصَّلاةِ
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عُثمانُ بنُ أبي العاصِ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَعَلَه واليًا وأميرًا على الطَّائِفِ، وكانَ مِن أهلِها، فلم يَزَلْ عليها حياةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وخِلافةَ أبي بَكرٍ، وسَنَتَيْنِ مِن خِلافةِ عُمَرَ، ثم عَزَلَه عُمَرُ، ووَلَّاه عُمانَ والبَحرَيْنِ، وماتَ بالبَصرةِ سَنةَ إحدى وخَمسينَ، والطَّائِفُ حاليًّا مَدينةٌ سُعوديَّةٌ تَقَعُ في مِنطَقةِ مَكَّةَ المُكَرَّمةِ، ووِلايَتِها، وهي في الغَربِ الجَنوبيِّ لِلسُّعوديَّةِ على المُنحَدَراتِ الشَّرقيَّةِ لِجِبالِ السَّرَواتِ، وكانت بها قَبيلةُ ثَقِيفٍ، وكان فيما أوصاه به النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وما عَهِدَ به إليه -وهذا كان مِن عادةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أنْ يُوصيَ الوُلاةَ على الرَّعيَّةِ بما يُحسِنُ حالَهم ويَرفُقُ بهم-، أنْ أمَرَه أنْ يُخَفِّفَ الصَّلاةَ بالنَّاسِ؛ لِأنَّ وَراءَه أُناسًا لهم أحوالٌ كَثيرةٌ، تَستَدعي التَّخفيفَ في الصَّلاةِ حتى لا يَقَعُوا في الحَرَجِ. وفي رِوايةِ مُسلِمٍ: "فإنَّ فيهمُ الكَبيرَ، وإنَّ فيهمُ المَريضَ، وإنَّ فيهمُ الضَّعيفَ، وإنَّ فيهمْ ذا الحاجةِ"، وهذه احتياجاتٌ مُتَعدِّدةٌ في المُصَلِّينَ، تَستَدعي التَّخفيفَ، وهذا التَّخفيفُ مع الإتمامِ، وليس فيه دَعوةٌ إلى التَّجاوُزِ عن كَمالِ الصَّلاةِ، وفي ذاتِ الرِّوايةِ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "وإذا صَلَّى أحَدُكم وَحْدَه، فليُصَلِّ كيف شاءَ" وهذه نَصيحةٌ وإرشادٌ مِنَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِلصَّحابيِّ ولِلأُمَّةِ كُلِّها أنَّ المَرءَ يُصَلِّي لِنَفْسِه ما شاءَ، وكيفما شاءَ، مِنَ التَّطويلِ، ولكِنْ إذا صَلَّى لِلجَماعةِ فليُخَفِّفْ