حديث عقبة بن الحارث 1
مستند احمد
حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: أخبرنا أيوب، عن عبد الله بن أبي مليكة، قال: حدثني عبيد بن أبي مريم، عن عقبة بن الحارث قال: وقد سمعته من عقبة، ولكني لحديث عبيد أحفظ قال: تزوجت فجاءتنا امرأة سوداء، فقالت: إني قد أرضعتكما، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إني تزوجت امرأة فلانة ابنة فلان، فجاءتنا امرأة سوداء، فقالت: إني أرضعتكما وهي كاذبة، فأعرض عني، فأتيته من قبل وجهه، فقلت: إنها كاذبة، فقال: «كيف بها وقد زعمت أنها أرضعتكما؟ دعها عنك»
جعَلَ الإسلامُ الرَّضاعَ رابطًا كرابطِ النَّسبِ، فأثبَتَ الحُرْمةَ في النِّكاحِ مِن الرَّضاعةِ كالحُرمةِ مِن النَّسَبِ؛ فيَحرُمُ على الرَّجلِ أنْ يَتزوَّجَ أُختَه أو أُمَّه، أو خَالتَه أو عَمَّتَه مِن الرَّضَاعَةِ، وهكذا
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ الصَّحابيُّ عُقْبةُ بنُ الحارِثِ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه تَزوَّج ابنةَ الصَّحابيِّ أَبِي إِهَابِ بنِ عَزِيزٍ بنِ قَيسٍ رَضيَ اللهُ عنه، واسْمُها غُنيَّةُ، وكُنيتُها أمُّ يَحْيى، فجاءَتْه امرأةٌ فأَخْبَرَتْه أنَّها أَرْضَعَتْه وأرضَعَت المرأةَ الَّتي تَزوَّجَها، والرَّضاعُ: هو إيصالُ لَبَنِ المرأةِ إلى جَوفِ طِفلٍ دونَ الحَولَينِ
فقال لها عُقْبَةُ رَضيَ اللهُ عنه: «ما أَعْلَمُ أنَّكِ أَرْضَعْتِني، ولا أَخْبَرْتِني»، يعني: لم يُخْبِرْني أحدٌ -بِمَا فيهم أَنْتِ- بأنَّكِ أَرْضَعْتِني قبْلَ ذلك
فأَرْسَل عُقْبَةُ رَضيَ اللهُ عنه لِآلِ أَبِي إِهَابٍ أهلِ زَوجتِه يَسأَلُهم عن الأمرِ، فأَخْبَروه بأنَّهم لا عِلمَ لهم قَبْلَ ذلك بأنَّها أرضَعَتِ ابنتَهم
فذَهَب عُقْبَةُ إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالمدينةِ، وأَخْبَره بما حَدَث، فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «كَيْفَ وقَدْ قِيلَ؟!» أي: كَيف تُبقِيها عندك تُباشِرُها وتُجامِعُها وقد قِيلَ: إنَّك أَخُوها مِن الرَّضَاعةِ؟! اتِّقاءً للشُّبهاتِ، أو لفَسادِ النِّكاحِ
ففَارَقَها عُقْبَةُ رَضيَ اللهُ عنه، وتَزوَّجَتْ هي بعدَه زَوجًا آخَرَ
وفي الحديثِ: التَّرغيبُ في اتِّقاءِ الشُّبهاتِ
وفيه: مَشروعيَّةُ الرِّحلةِ في طَلَبِ العِلمِ