حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم 19
مستند احمد
حدثنا يحيى بن غيلان، قال: حدثنا رشدين يعني ابن سعد أبو الحجاج المهري، عن حرملة بن عمران التجيبي، عن عقبة بن مسلم، عن عقبة بن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج» ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون} [الأنعام: 44]
فيبين لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث أن بسط الدنيا للعاصي ليس دليلاً على كرامته على الله -عزَّ وجلَّ- أو محبة الله -عزَّ وجلَّ- له.. بل الحقيقة أن ذلك من مكر الله -عزَّ وجلَّ- به فيعطيه من الدنيا ما يحب، ويبسط له الأرزاق، فيغتر ويفرح، ثم يأخذه الله -عزَّ وجلَّ- بغتة، فلا يغني عنه ذلك شيئاً، كما قال سبحانه: أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ [الشعراء:205-207]
كما أن في الحديث إشارة إلى حقارة الدنيا عند الله -عزَّ وجلَّ-، ولحقارتها عنده لم يجعلها ثواباً للطائعين، كما لم يجعل الحرمان منها عقوبة للعاصين. فتراه سبحانه يبسط الدنيا لأهل المعصية، ويزويها عن أهل الطاعة، وما ذاك إلا لدناءتها، وأما الجنة فلقدرها وعظمتها جعلها الله -عزَّ وجلَّ- ثواباً لأهل طاعته، وجعل الحرمان عقاباً لأهل معصيته