حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم 79
مستند احمد
حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا محمد يعني ابن إسحاق، حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله اليزني، عن أبي عبد الرحمن الجهني، قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم طلع ركبان، فلما رآهما قال: «كنديان مذحجيان» حتى أتياه، فإذا رجال من مذحج، قال: فدنا إليه أحدهما ليبايعه، قال: فلما أخذ بيده، قال: يا رسول الله، أرأيت من رآك فآمن بك وصدقك واتبعك، ماذا له؟ قال: «طوبى له» قال: فمسح على يده فانصرف، ثم أقبل الآخر حتى أخذ بيده ليبايعه، قال: يا رسول الله، أرأيت من آمن بك وصدقك واتبعك ولم يرك؟ قال: «طوبى له، ثم طوبى له، ثم طوبى له» قال: فمسح على يده، فانصرف
أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بفَضلِ وأجرِ مَن جاءَ بَعدَه وآمَنَ به واتَّبَعَه ولم يَرَه، وأخبَرَ بأنَّهم إخوانُه، وقال للصَّحابةِ: أنتُم أصحابي. وإخواني الذينَ آمَنوا بي ولم يَرَوني، وأنَّهم أفضَلُ الخَلقِ إيمانًا؛ وذلك لأنَّ ذلك من تَمامِ إيمانِهم بالغَيبِ، فهم لم يَرَوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومَعَ ذلك آمَنوا به واتَّبَعوه
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ عُقبةُ بنُ عامِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: بَينا نَحنُ عِندَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذ طَلعَ راكِبانِ، أي: رَجُلانِ، فلمَّا رَآهما النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: كِنْديَّانِ مَذْحِجيَّانِ، أي: هما من كِندةَ، وهي اسمُ قَبيلةٍ من قَبائِلِ اليَمَنِ، ثمَّ مِن مَذْحِجَ، وهي قَبيلةٌ من قَبائِلِ العَرَبِ، وهم: وَلَدُ أُدَدَ بنِ زَيدِ بنِ يَشجُبَ، فلمَّا أتَيا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فإذا هم رِجالٌ من مَذْحِجَ، فدَنا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحَدُهما ليُبايِعَه، فلمَّا أخَذَ بيَدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: يا رَسولَ اللهِ، أرَأيتَ مَن رَآك فآمَنَ بك وصَدَّقَك واتَّبَعَك، ماذا له؟ أي: يُريدُ أن يَعرِفَ ما جَزاءُ من فَعلَ ذلك، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: طوبى له! وطوبى: اسمٌ للجَنَّةِ، وقيل: هي شَجَرةٌ في الجَنَّةِ، والمَعنى أنَّ له الجَنَّةَ. فمَسَحَ الرَّجُلُ على يَدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثمَّ انصَرَف، ثمَّ أقبلَ الرَّجُلُ الآخَرُ حتَّى أخذ بيَدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليُبايِعَه، فقال: يا رَسولَ اللهِ، أرَأيتَ مَن آمَنَ بك وصَدَّقَك واتَّبَعَك ولم يَرَك؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: طوبى له، ثمَّ طوبى له، ثمَّ طوبى له! أي: له الأجرُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ؛ وذلك لأنَّ الإيمانَ به بلا رُؤيةٍ أدخَلُ في الإيمانِ بالغَيبِ، فصاحِبُه من هذه الجِهةِ أولى بالخَيرِ، وهذا فضلٌ جُزئيٌّ لا يُنافي فضلَ الصَّحابيِّ على غَيرِه، فمَسَحَ على يَدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ انصَرَف
وفي الحَديثِ فِراسةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
وفيه مَشروعيَّةُ مَسحِ اليَدِ عِندَ أخذِ البَيعةِ
وفيه فضلُ وعَظيمُ أجرِ مَن آمَنَ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولم يَرَه مِمَّن جاءَ بَعدَه