حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم 82
مستند احمد
حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية يعني ابن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن القاسم، مولى معاوية، عن عقبة بن عامر، قال: كنت أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم راحلته في السفر، فقال: «يا عقبة ألا أعلمك خير سورتين قرئتا؟» قلت [ص:615]: بلى. قال: قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس فلما نزل صلى بهما صلاة الغداة، قال: «كيف ترى يا عقبة؟»
المؤمنُ يَستعيِذُ باللهِ من شُرورِ خَلْقِه؛ لأنَّه سُبحانَه القادِرُ على صَرْفِ الشُّرورِ عن عبْدِه، ولقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَستعيِذُ باللهِ ممَّا يَخافُ ويحذَرُ
وفي هذا الحَديثِ يَحكِي عُقْبَةُ بنُ عامرٍ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه بَينَما هو يَسيرُ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بين الجُحْفَةِ والأَبْواءِ. والجُحْفَةُ موضِعٌ بينَ مَكَّةَ والمدينةِ، وتَبعُدُ عن مَكَّةَ 190كلم تقريبًا، بقُرْب (رابِغ)، وقدْ خَرِبت الجُحفةُ فصارَ النَّاسُ يُحرِمون مِن رابِغ، ورابغ قبْلَ الميقاتِ بقليلٍ. والأَبْواءُ جبَلٌ بين مكَّةَ والمدينةِ
وقوله: "إذ غَشِيَتْنَا ريحٌ وظُلْمةٌ شديدةٌ"، أي هبَّتْ علينا ريحٌ عاصفٌ وأحاطَتْ بنا ظُلْمةٌ شديدةٌ، فجعَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَتعوَّذُ بـ{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، أي: استعاذَ باللهِ عزَّ وجلَّ من هَوْلِ ما رأى بهاتَينِ السُّورتَينِ؛ سورةِ الفلق وسُورةِ النَّاس. والمرادُ بالفَلَقِ الصُّبْحُ، وقيل: الخَلْقُ، والمعنى: أَسْتجيرُ باللهِ عزَّ وجلَّ ربِّ كلِّ شيءٍ
ثمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لعُقْبَةَ: «تعوَّذْ بهما»، أي: بالمُعَوِّذَتَيْنِ، «فما تعوَّذَ مُتَعَوِّذٌ بمِثْلِهما»، أي: لن تجِدَ أفضَلَ منهما في التَّعاويذِ والمُنْجياتِ
قال عقبةُ رضِيَ اللهُ عنه: «وسَمِعتُه يَؤمُّنا بِهما في الصَّلاةِ»، أي: سَمِعْتُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَؤمُّنا بهاتَينِ السُّورتَينِ في الصَّلاةِ
وفي الحديثِ: بيانُ أنَّ المؤمنَ يَتضرَّعُ باللُّجوءِ إلى اللهِ وقْتَ الشِّدَّةِ
وفيه: فضْلُ المُعَوِّذَتَيْنِ، والحثُّ على التعوُّذِ بهما