حديث عمار بن ياسر 13

سنن النسائي

حديث عمار بن ياسر 13

 حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه أن رجلا أتى عمر، فقال: إني أجنبت، فلم أجد ماء، فقال عمر: لا تصل، فقال عمار: أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سرية، فأجنبنا، فلم نجد ماء، فأما أنت، فلم تصل، وأما أنا فتمعكت في التراب فصليت، فلما أتينا النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فقال: «إنما كان يكفيك» وضرب النبي صلى الله عليه وسلم، بيده إلى الأرض، ثم نفخ فيها، ومسح بها وجهه، وكفيه
[ص:276]

والسواك، وتقليم الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، والاستحداد، والاختتان، والانتضاح»

شُرِعَ التَّيَمُّمُ لِمَنْ لم يجِدِ الماءَ أو تَعذَّرَ عليه استعمالُه لمرَضٍ ونحوِه

وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ أَبْزى رضِيَ اللهُ عنه: "كنتُ عِند عمرَ، فجاءه رجُلٌ، فقال: إنَّا نكون بالمكانِ الشَّهْرَ والشَّهْرَيْنِ"، أي: لا يكون معنا ماءٌ، والمقصودُ: أنَّهم يمكُثون الشَّهْرَ والشَّهْرَيْنِ في مكانٍ ويُجْنِبونَ ولا يَجدونَ الماءَ الكافيَ للغُسْلِ، فماذا يَصنعون في التَّطَهُّرِ والغُسْلِ والصَّلاةِ؟ "فقال" عُمَرُ رضِيَ اللهُ عنه: "أمَّا أنا فَلَمْ أكُنْ أصلِّي حتَّى أجِدَ الماءَ"، أي: سأمتِنعُ عَنِ الصَّلاةِ حتَّى أجِدَ الماءَ لأتطهَّرَ وأتوضَّأَ به، "قال" عبدُ الرَّحمنِ: "فقال عمَّارٌ: يا أميرَ المؤمنينَ، أَمَا تذْكُرُ إذ كنتُ أنا وأنتَ في الإبلِ"، أي: كانا قد خرَجا في رعايةِ الإبلِ في عَهْدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "فأصابَتْنا جَنابةٌ"، والجنابةُ: تُطلَقُ على كُلِّ مَنْ أنزل المَنِيَّ أو جامَعَ؛ لاجتِنابِهِ الصَّلاةَ والعِباداتِ حتَّى يَطْهُرَ منها، "فأمَّا أنا فتَمَعَّكْتُ"، أي: تمرَّغْتُ وتقلَّبْتُ في التُّرابِ؛ حتَّى يُصيبَ جميعَ بَدني، وكان ذلك منه على سَبيلِ التَّطهُّرِ ورَفْعِ الجَنابةِ، "فأتيْنا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فذكرتُ ذلك له"، أي: تطهُّري بالتُّرابِ، "فقال" النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّما كان يَكفيكَ أنْ تقولَ هكذا"، أي: يُعلِّمُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم التَّيمُّمَ، "وضرَب بيدَيْهِ إلى الأرضِ، ثمَّ نفَخهما، ثمَّ مسَح بهما وجهَهُ ويدَيْهِ إلى نِصْفِ الذِّراعِ"، أي: جعَل ضرْبَهُ للتُّرابِ مرَّةً واحدةً
فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه: "يا عمَّارُ، اتَّقِ اللهَ"، أي: كأنَّه يُراجِعُهُ فيما يقول، وذلك أنَّ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنه لا يذْكُرُ تلك الواقعةَ، فقال عمَّارُ: "يا أميرَ المؤمنينَ، إنْ شِئْتَ"، أي: إنْ أردْتَ ورأيْتَ أنْ أمتنِعَ عن ذِكْرِ هذا الحديثِ، "واللهِ لم أذكُرْه أبدًا"، "فقال عُمَرُ: كلَّا والله! لَنُوَلِّيَنَّكَ مِنْ ذلك ما تَوَلَّيْتِ"، أي: نَكِلُ إليك مسؤوليَّةَ ما قد قُلْتَ
والثَّابِتُ في الرِّواياتِ أمْرُهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالتَّيمُّمِ بمسْحِ الوجهِ والكفَّيْنِ، وليس المسْحَ إلى نِصْفِ الذِّراعِ
وفي الحديثِ: إقرارُ المجتهدِينَ لبَعضِهم، وإنَّ لم يَتوافَقوا في الرَّأْيِ