حديث عمار بن ياسر 2
مستند احمد
حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البختري قال: قال عمار يوم صفين: ائتوني بشربة لبن، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن» ، فأتي بشربة لبن فشربها ثم تقدم فقتل
[ص:170]
لعمَّارِ بنِ ياسرٍ رضِيَ اللهُ عنه مَكانةٌ رَفيعةٌ ومناقِبُ جَليلةٌ، وقد بشَّرَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالشَّهادةِ على الحقِّ
وفي هذا الأثَرِ يَروي التابِعيُّ أبو البَخْتَريِّ سَعيدُ بنُ فَيْروزَ: "أنَّ عمَّارَ بنَ ياسرٍ أُتيَ بشَرْبةِ لَبَنٍ، فضَحِكَ" وذلك يومَ مَوقِعةِ صِفِّينَ سنةَ سَبعٍ وثلاثينَ بعدَ الهِجرةِ بينَ عَليٍّ ومُعاويةَ رضِيَ اللهُ عنهما، وكان عمَّارٌ يُقاتلُ في صفِّ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضِيَ اللهُ عنه، ثم قال عمَّارٌ مُبيِّنًا سببَ ضَحِكِه وتَعجُّبِه: "إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: إنَّ آخِرَ شَرابٍ أشرَبُه لَبنٌ، حتى أموتَ"، وكأنَّه يَستَشرِفُ نُبوءةَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنَّ آخِرَ ما يَشرَبُه في الدُّنيا ثم يموتُ بعدَها هو شَربةٌ منَ اللبَنِ، وكأنَّه أيضًا يَستَبشِرُ بالشَّهادةِ، وأنَّه معَ الفِئةِ التي على الحقِّ؛ لأنَّه مات وهو في صُفوفِها كما قال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "تَقتُلُكَ الفِئةُ الباغيةُ"، وقد حمَلَ على عمَّارٍ ابنُ جوًى السَّكْسَكيُّ، وأبو الغاديةِ الفَزاريُّ، فأمَّا أبو الغاديةِ فطعَنَه، وأمَّا ابنُ جوًى فاحتَزَّ رأسَه، وقد تحَقَّقَت بذلك نُبوءةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ووقَعَت مَنقَبةٌ لعمَّارِ بنِ ياسرٍ رضِيَ اللهُ عنه