حديث عمرو بن خارجة 7
مستند احمد
حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا سعيد يعني ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، أن عمرو بن خارجة الخشني، حدثهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبهم على راحلته، وإن راحلته لتقصع بجرتها، وإن لعابها ليسيل بين كتفي، فقال: «إن الله قد قسم لكل إنسان نصيبه من الميراث، ولا تجوز وصية لوارث الولد للفراش، وللعاهر الحجر، ألا ومن ادعى إلى غير أبيه، أو تولى غير مواليه، فعليه لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا، ولا عدلا، أو عدلا، ولا صرفا»
خطَب النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم خُطبةً في حِجَّةِ الوَداعِ، فكانتْ خُطبةً جامِعةً مانعةً، جمَع فيها مِن الأوامرِ والنَّواهي ما إنْ تَمسَّك بها المسلِمُ نَجا في الدُّنيا والآخرةِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو أُمامةَ الباهِليُّ رضِيَ اللهُ عنه: "سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في خُطبَتِه عامَ حِجَّةِ الوداعِ: إنَّ اللهَ تَبارك وتعالى قد أعطى كلَّ ذي حقٍّ حقَّه"، أي: إنَّ اللهَ بيَّن وحدَّد لكلِّ وارثٍ نَصيبَه مِن الميراثِ؛ "فلا وصيَّةَ لوارثٍ"، أي: فلا يَجوزُ أن يُوصيَ أحَدٌ بجُزءٍ مِن الميراثِ لوارثٍ له حظٌّ ونصيبٌ في الميراثِ
وقال أيضًا: "الولَدُ للفِراشِ"، أي: إنَّ المولودَ يُنسَبُ لصاحبِ الفراشِ وهو أبوه، "وللعاهِرِ الحجَرُ"، أي: وللزَّاني الرَّجمُ بالحجَرِ، وقيل: المقصودُ بالحجَرِ الخيبةُ والخُسرانُ، "وحِسابُهم على اللهِ تعالى"، أي: وسوف يُحاسِبُهم اللهُ جميعًا؛ فمَن شاء عَفا عنه، ومَن شاء عذَّبه، "ومَن ادَّعى إلى غيرِ أبيه"، أي: ومَن انتسَب إلى أحدٍ غيرِ أبيه، أو ادَّعى أبًا ليس بأبيه، "أو انتَمى إلى غيرِ مَواليه"، أي: ومَن انتَمى إلى قومٍ وهو ليس مِنهم، "فعليه لعنةُ اللهِ التَّابعةُ إلى يومِ القِيامةِ"، أي: فجَزاؤُه أنَّ اللهَ يَلعَنُه لعنًا مُتواصِلًا إلى يومِ القيامةِ، واللَّعنُ هو الطَّردُ مِن رحمةِ اللهِ
وقال أيضًا: "لا تُنفِقِ امرأةٌ مِن بيتِ زوجِها إلَّا بإذنِ زَوجِها"، أي: يَنْهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أن تتَصدَّقَ المرأةُ مِن مالِ زوجِها حتَّى تَستأذِنَه ويَرضى، "قيل: يا رسولَ اللهِ"، أي: قال أحدُ الحاضرين للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم سائلًا: "ولا الطَّعامَ؟"، أي: ولا تتَصدَّقُ المرأةُ بالطَّعامِ أيضًا حتَّى تَستأذِنَ زوجَها؟ "قال: ذاك أفضَلُ أموالِنا"، أي: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مُجيبًا للسَّائلِ: الطَّعامُ هو خيرُ أموالِنا، والمقصودُ أنَّ الطَّعامَ داخلٌ في جُملةِ المالِ، بل هو خيرُ المالِ، فلا تتَصدَّقِ المرأةُ مِن الطَّعامِ إلَّا بعدَ أن تَستأذِنَ زوجَها فيَأذَنَ لها
وقال أيضًا: "العاريَّةُ مُؤدَّاةٌ"، أي: إنَّ مَن استَعار شيئًا فعليه أن يُؤدِّيَه إلى صاحبِه، "والمِنْحةُ مَردودةٌ"، المِنْحةُ هي الشَّيءُ الَّذي يَمنَحُه أحَدٌ لأحدٍ آخرَ، كأَنْ يمنَحَه بَقرةً يَحلِبُها أو نخلةً يأكُلُ ثِمارَها أو أرضًا يَنتفِعُ بها، والمقصودُ أنَّها تُرَدُّ إلى صاحبِها بعدَ الانتِفاعِ بها، "والدَّينُ مَقْضيٌّ"، أي: إنَّ مَن استَدان دَينًا فعَليه أن يَقْضيَ دَينَه، "والزَّعيمُ غارمٌ"، والزَّعيمُ هو الكفيلُ، وغارمٌ أي: مُلزَمٌ بالغَرامةِ، والمقصودُ: أنَّ مَن كان كَفيلًا أو ضامِنًا لِمَدينٍ لَزِمَه قضاءُ الدَّينِ إذا لم يَقْضِ الدَّينَ الرَّجلُ المَدينُ؛ بسبَبِ كَفالتِه وضَمانِه