حديث مالك بن عتاهية 2
مستند احمد
حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن شرحبيل بن السمط، قال: قال رجل لكعب بن مرة أو مرة بن كعب: حدثنا حديثا [ص:603] سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم - لله أبوك - واحذر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أيما رجل أعتق رجلا مسلما، كان فكاكه من النار، يجزى بكل عظم من عظامه عظما من عظامه، وأيما رجل مسلم أعتق امرأتين مسلمتين، كانتا فكاكه من النار يجزى بكل عظمين من عظامهما عظما من عظامه، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار تجزى بكل عظم من عظامها عظما من عظامها»
عِتقُ الرِّقابِ مِن أفضَلِ القُرباتِ عِندَ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ ولذلك حَثَّ الشَّرعُ على عِتْقِها وتَحريرِها، وبيَّن الأجْرَ العظيمَ على ذلك
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أيُّما امرِئٍ مُسلمٍ"، أي: كان حرًّا، "أعتَق امْرَأً مُسلِمًا"، أي: كان مَملوكًا وحرَّره مِن العبوديَّةِ، "كان"، أي: كان جزاءُ ذلك الحُرِّ، "فَكاكَه مِن النَّارِ"، أي: كان خَلاصَه مِن النَّارِ يومَ القِيامةِ، "يُجْزي كلُّ عُضوٍ منه عضوًا منه"، أي: يُعتَقُ مِن أعضاءِ الحُرِّ يومَ القِيامةِ بما يُقابله من أعضاءِ العَبدِ الَّذي أعتقَه في الدُّنيا، "وأيُّما امرِئٍ مُسلِمٍ أعتَق امرَأَتَين مُسلِمتَين"، أي: وإنْ كان عِتقُه وتحريرُه لامرَأَتين وكانَتا مُسلِمتَين، "كانتا"، أي: كان جَزاؤُه في المرأتَين اللَّتَين أعتَقَهما يومَ القيامةِ أن يَكونَ العِتقُ "فَكاكَه مِن النَّارِ، يُجْزي كلُّ عضوٍ مِنهما عضوًا مِنه"، أي: يُعتَقُ مِن أعضاءِ الحُرِّ يومَ القِيامةِ بما يُقابِلُه مِن مجموعِ أعضاءِ المرأَتَين اللَّتَين أعتَقَهنَّ في الدُّنيا، "وأيُّما امرَأةٍ مُسلِمةٍ"، أي: كانتْ حرَّةً، "أَعتقَت امرأةً مُسلِمةً"، أي: كانتْ مملوكةً وحرَّرَتها مِن العُبوديَّةِ، "كانتْ فَكاكَها مِن النَّارِ، يُجْزِئُ كلُّ عُضوٍ منها عُضوًا منها"، أي: بمِثلِ ما يُجازَى الرَّجلُ الحرُّ تُجازى كذلك المرأةُ الحرَّةُ إنْ هم سَعَوا في عِتقِ غيرِهم مِن المسلِمين مِن العُبوديَّةِ
وقد ثبَت في الصَّحيحَينِ عن أبي هُريرةَ رَضِي اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، قال: "مَن أعتَق رَقَبةً مُسلِمةً، أعتَق اللهُ بكُلِّ عَضوٍ منه عَضوًا مِن النَّارِ، حتَّى فَرْجَه بفَرْجِه"
وهذا كلُّه يدُلُّ على أنَّ عِتْقَ المماليكِ وتَحريرَ العَبيدِ والإماءِ، ذُكورًا وإناثًا مِن المنجِيَاتِ مِن النَّارِ، وإنْ كان البعضُ يَرى أنَّ عِتْقَ العَبيدِ الذُّكورِ أَوْلَى مِن عِتْقِ الإماءِ؛ حتَّى لا تَضيعَ النِّساءُ بسبَبِ عدَمِ قُدرتِهنَّ على التَّكسُّبِ