حديث محمد بن مسلمة الأنصاري 4
مستند احمد
حدثنا عبد الصمد، حدثنا زياد بن مسلم أبو عمر [ص:502]، حدثنا أبو الأشعث الصنعاني، قال: بعثنا يزيد بن معاوية إلى ابن الزبير، فلما قدمت المدينة، دخلت على فلان - نسي زياد اسمه - فقال: إن الناس قد صنعوا ما صنعوا، فما ترى؟ فقال: " أوصاني خليلي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: «إن أدركت شيئا من هذه الفتن، فاعمد إلى أحد، فاكسر به حد سيفك، ثم اقعد في بيتك» ، قال: «فإن دخل عليك أحد إلى البيت، فقم إلى المخدع، فإن دخل عليك المخدع فاجث على ركبتيك، وقل بؤ بإثمي وإثمك، فتكون من أصحاب النار، وذلك جزاء الظالمين» فقد كسرت حد سيفي، وقعدت في بيتي
أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ببَعضِ الفِتَنِ التي ستَقَعُ بَعدَه منَ الاقتِتالِ بَينَ المُسلِمينَ، وأوصاهم بما يَنبَغي عَليهم فِعلُه تِجاهَ هذه الفِتَنِ
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ أبو الأشعَثِ الصَّنعانيُّ، وهو شَراحيلُ بنُ شُرَحبيلَ: إنَّ يَزيدَ بنَ مُعاويةَ بَعَثَه إلى ابنِ الزُّبَير، وذلك عِندَما حَدَثَ الخِلافُ والقِتالُ بَين يَزيدَ وعَبدِ اللَّهِ بنِ الزُّبَيرِ، يَقولُ أبو الأشعَثِ: فلمَّا قَدِمتُ المَدينةَ دَخَلتُ على فُلانٍ -نَسيَ زيادٌ اسمَه- أي: نَسيَ الرَّاوي اسمَ مَن دَخَل عَليه أبو الأشعَثِ، فسَأل أبو الأشعَثِ مَن دَخَل عَليه عن هذه الفِتنةِ الحاصِلةِ بَين يَزيدَ وابنِ الزُّبَيرِ، وقال: إنَّ النَّاسَ قد صَنَعوا ما صَنَعوا، أي: منَ الاقتِتال، فما تَرى؟ فقال: أوصاني خَليلي أبو القاسِمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إن أدرَكتُ شَيئًا من هذه الفِتَنِ أن أعمِدَ إلى جَبَلِ أحُدٍ فأكسِرَ به حَدَّ سَيفي -ليَسدَّ على نَفسِه بابَ القِتالِ- ثمَّ أقعُدَ في بَيتي، وإذا دَخَل عَليَّ أحَدٌ البَيتَ أن أقومَ إلى المَخدَعِ وهو البَيتُ الصَّغيرُ الذي يَكونُ داخِلَ البَيتِ الكَبيرِ، فإن دَخل عَليَّ المَخدَعَ أن أجثوَ على رُكبَتي، أي: أجلِسَ على رُكبَتي، وأن أقولَ لمَن يُريدُ أن يَقتُلَني: بُؤْ بإثمي وإثمِك، أي: تَحَمَّلْ إثمي وإثمِك، فتَكونَ من أصحابِ النَّارِ، وذلك جَزاءُ الظَّالمينَ، يَعني: كما في قِصَّةِ ابنَي آدَمَ، يَقولُ هذا الصَّحابيُّ: فقد كَسَرتُ حَدَّ سَيفي، وقَعَدتُ في بَيتي، أي: أنَّه قدِ امتَثَل وصيَّةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ ولذلك لن يَدخُلَ مَعَ أحَدِ الفريقَينِ
وفي هذا الحَديثِ بَيانُ مُعجِزةٍ من مُعجِزاتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لكَونِه أخبَرَ بما سيَقَعُ منَ الفِتَنِ بَعدَه
وفيه أنَّ على المُسلمِ أيَّامَ الفِتَنِ أن يَعتَزِلَها ولا يَدخُلَ فيها