حديث يزيد بن الأسود العامري ممن نزل الشام 3

مستند احمد

حديث يزيد بن الأسود العامري ممن نزل الشام 3

 حدثنا بهز، حدثنا أبو عوانة، عن يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد بن الأسود، عن أبيه، قال: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، قال: فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح أو الفجر، قال: ثم انحرف جالسا، واستقبل الناس بوجهه، فإذا هو برجلين من وراء الناس لم يصليا مع الناس، فقال: «ائتوني بهذين الرجلين» [ص:22] قال: فأتي بهما ترعد فرائصهما، فقال: «ما منعكما أن تصليا مع الناس؟» قالا: يا رسول الله إنا كنا قد صلينا في الرحال. قال: «فلا تفعلا، إذا صلى أحدكم في رحله، ثم أدرك الصلاة مع الإمام، فليصلها معه، فإنها له نافلة» . قال: فقال أحدهما: استغفر لي يا رسول الله. فاستغفر له، قال: ونهض الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهضت معهم، وأنا يومئذ أشب الرجال وأجلده. قال: فما زلت أزحم الناس حتى وصلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذت بيده فوضعتها إما على وجهي أو صدري، قال: فما وجدت شيئا أطيب ولا أبرد من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وهو يومئذ في مسجد الخيف

في هذا الحديثِ يُخبِرُ يَزيدَ بنَ الأسوَدِ العامريَّ رَضِي اللهُ عَنْه: "صلَّى معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم"، أي: صلاةَ جَماعةٍ، "وهُو غُلامٌ شابٌّ"، وهذا كِنايةٌ عن صِغَرِ سنِّه آنَذاك، "فلمَّا صلَّى"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم وأصحابُه الَّذين معَه، "إذا رَجُلانِ لَم يُصلِّيا في ناحيَةِ المسجدِ"، أي: لم يُصلِّيا معَ الجَماعَةِ، بَعيدَيْنِ عَن مُصلَّى الجَماعةِ، "فدَعا بهما"، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم طلَبَهما، "فجِيءَ بهما تُرعَدُ فَرائِصُهما"، أي: تَفْزَعُ وتَرتجِفُ، وهذا كِنايةٌ عن شِدَّةِ خوفِهما، والفَريصَةُ: اللَّحْمةُ الَّتي بين الجَنبِ والكَتِفِ؛ فقال لهما النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "ما منَعَكما أن تُصَلِّيا معَنا؟"، أي: تَلحَقا بالجماعةِ، "قالَا: قد صَلَّينا في رِحَالِنا"، أي: في مَنازِلِنا، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "لا تَفعَلوا"، أي: مَرَّةً أخرى، "إذا صلَّى أحَدُكم في رَحْلِه"، أي: في مَنزِلِه، وهذا إشارةٌ إلى أنَّه يُريدُ صَلاةَ الفَريضةِ، "ثمَّ أدرَكَ الإمامَ ولم يُصلِّ"، أي: أدرَكَ الجماعةَ في الصَّلاةِ الَّتي كان صَلَّاها في مَنزِله، "فَلْيُصَلِّ معَه"، أي: فليُصلِّ ويُلْحِقْ نفسَه بالجَماعةِ؛ "فإنَّها له نافلةٌ"، أي: إنَّ ما صَلَّاه معَ الجماعَةِ يَكونُ في حُكمِ النَّافلةِ؛ وذلك لكيلَا يُساءَ به الظنُّ، أو لكيلَا تحَدُثَ فِتنةٌ
وفي الحديثِ: حثُّ مَن حضَر جماعةً تُصلِّي وكان قد صلَّى على الصَّلاةِ معَها