ذكر الكبائر 3
سنن النسائي
أخبرني عبدة بن عبد الرحيم قال: أنبأنا ابن شميل قال: أنبأنا شعبة قال: حدثنا فراس قال: سمعت الشعبي، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس "
الكبائرُ هي الذُّنوبُ العَظيمةُ، وهي كلُّ ذَنبٍ أُطْلِقَ عليه- في القُرآنِ أو السُّنَّةِ الصَّحيحةِ، أو الإجماع- أنَّه كَبيرةٌ، أو أنَّه ذَنبٌ عَظيمٌ، أو أُخْبِر فيه بشِدَّةِ العِقابِ، أو كانَ فيه حَدٌّ، أو شُدِّدَ النَّكيرُ على فاعلِه، أو ورَد فيه لَعْنُ فاعلِه، وقيل: الكبائِرُ هي كلُّ فِعلٍ قَبيحٍ شَدَّدَ الشَّرْعُ في النَّهيِ عنه، وأعْظَمَ أمْرَه
وفي هذا الحديثِ يخبِرُ أبو أيُّوبَ الأنصاريُّ رضِيَ اللهُ عَنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "مَن جاء"، أي: إلى اللهِ عزَّ وجلَّ يومَ القيامَةِ، "يَعبُدُ اللهَ"، أي: يُوحِّدُه ويُطِيعُه، "ولا يشرِكُ به شيئًا"؛ وهو تأكيدٌ على مَعنى التَّوحيدِ، "ويُقيمُ الصَّلاةَ"، أي: كان محافِظًا عليها ومؤدِّيَها في وَقتِها، "ويُؤتي الزَّكاةَ"، أي: كان مُخرِجًا لزَكاةِ مالِه على الوَجهِ الَّذي يُرضي اللهَ عزَّ وجلَّ وتَرضى به نَفسُه، وفي روايةٍ: "ويصومُ شَهرَ رمضانَ"، أي: متِمًّا له، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ويَجتَنِبُ الكبائرَ"، أي: يَنتهي ويمتنِعُ عن الوُقوعِ فيها، "كان له الجنَّةُ"، أي: كان جزاؤُه على هذا أنْ يُدخِلَه اللهُ عزَّ وجلَّ الجنَّةَ
قال أبو أيُّوبَ رضِيَ اللهُ عَنه: "فسَألوه"، أي: أَصحابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "عن الكبائِرِ"، أي: عن المرادِ مِن الكَبائِرِ، فقال صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "الإشراكُ باللهِ"، أي: أنْ يَجعَلَ الإنسانُ مع اللهِ إلهًا آخَرَ، "وقتْلُ النَّفسِ المسلِمةِ"، أي: الَّتي حرَّمَ الله عزَّ وجلَّ قَتلَها وهي غيرُ مستحِقَّةٍ للقَتلِ، "والفِرارُ يومَ الزَّحفِ"، أي: الهُروبُ عند لِقاءِ العَدوِّ من غَيرِ تَحرُّفٍ لقِتالٍ- وهو الكرُّ بعدَ الفرِّ؛ يُخيِّلُ لعَدُوِّه أنه منهزمٌ ثمَّ يَنقضُ عليه، وهو مِن خُدعِ الحربِ ومَكايدِها المشروعةِ- أو انحيازٍ إلى فِئةٍ أُخرى من المسلِمينَ
وفي الحديثِ: بيانُ ما ذُكِر مِن الكَبائرِ الَّتي يجِبُ أنْ يتجنَّبَها المسلِمُ
وفيه: أنَّ مَن جاء يومُ القيامَةِ مُوحِّدًا، ومُلتزِمًا بأَحكامِ الإسلامِ، ومُجتنبًا لكبائرِ الذُّنوبِ دخَل الجنَّةَ