عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «غزا نبي من الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - فقال لقومه:
لا يتبعني رجل ملك بضع (1) امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن بها، ولا أحد بنى بيوتا لم يرفع سقوفها، ولا أحد اشترى غنما أو خلفات وهو ينتظر أولادها (2). فغزا فدنا من القرية صلاة العصر أو قريبا من ذلك، فقال للشمس: إنك مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علينا، فحبست (3) حتى فتح الله عليه، فجمع الغنائم فجاءت - يعني النار - لتأكلها (4) فلم تطعمها، فقال: إن فيكم غلولا (5)، فليبايعني من كل قبيلة رجل، فلزقت (6) يد رجل بيده فقال: فيكم الغلول فلتبايعني قبيلتك، فلزقت يد رجلين أو ثلاثة بيده، فقال: فيكم الغلول، فجاؤوا برأس مثل رأس بقرة من الذهب، فوضعها فجاءت النار فأكلتها. فلم تحل الغنائم لأحد قبلنا،
ثم أحل الله لنا الغنائم لما رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا».
متفق عليه.
«الخلفات» بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام: جمع خلفة وهي الناقة الحامل.
(1) فرج المرأة.
(2) نهى النبي قومه عن اتباعه على أحد هذه الأحوال لأن أصحابها يكونون متعلقي النفوس بهذه الأسباب فتضعف عزائمهم وتفتر رغباتهم في الجهاد والشهادة وربما يفرط ذلك التعلق فيفضي إلى كراهة الجهاد وأعمال الخير.
(3) هذا من معجزات النبوة.
(4) كانت عادة الأنبياء صلى الله عليهم وسلم في الغنائم أن يجمعوها فتجئ نار من السماء فتأكلها، فيكون ذلك علامة قبولها وعدم الغلول فيها، فلما جاءت هذه النار فلم تأكلها علم أن فيها غلولا.
(5) الخيانة في المغنم.
(6) كانت علامة الغلول عندهم التصاق يد الغال بيد النبي. انظر في هذا كله دليل الفالحين 1/ 259 - 260.