عدة المختلعة 2
سنن النسائي
أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحق، قال: حدثني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن ربيع بنت معوذ، قال: قلت لها: حدثيني حديثك، قالت: اختلعت من زوجي ثم جئت عثمان، فسألته ماذا علي من العدة؟ فقال: «لا عدة عليك إلا أن تكوني حديثة عهد به، فتمكثي حتى تحيضي حيضة». قال: «وأنا متبع في ذلك قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مريم المغالية، كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس فاختلعت منه»
بيَّنَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لنا أحكامَ الزَّواجِ والطَّلاقِ والخُلعِ، وكلَّ ما يتعلَّقُ بذلك؛ حِفاظًا على الأُسرةِ المُسلِمةِ، وصونًا للأعراضِ والأنسابِ
وفي هذا الحديثِ تقولُ الرُّبَيِّعُ بنتُ مُعوِّذٍ الأنصاريَّةُ رضِيَ اللهُ عنها: "اختلَعْتُ مِن زَوجي"، والخُلْعُ: هو فِداءٌ ماليٌّ مِن المرأةِ للزَّوجِ، تملِكُ بمُوجَبِه أمْرَها، ولا تلجَأُ إليه المرأةُ إلَّا إذا تَضرَّرتْ من زَوجِها ولم تَقدِرْ على الطَّلاقِ منه، أو خافتْ ألَّا تقومَ بحُقوقِه الشَّرعيَّةِ، وهو مَذكورٌ في قولِ اللهِ تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229]، قالت: "ثمَّ جئْتُ عُثمانَ"، ابنَ عفَّانٍ رضِيَ اللهُ عنه، "فسأَلْتُ: ماذا عليَّ من العِدَّةِ؟"، أي: ما مُدَّةُ عِدَّتي بعدَ الخُلْعِ؟ فقال عُثمانُ رضِيَ اللهُ عنه: "لا عِدَّةَ عليكِ، إلَّا أنْ يكونَ حديثَ عهْدٍ بكِ"، أي: إلَّا أنْ يكونَ قد جامَعَكِ وعاشَرَكِ قريبًا، "فتَمكُثينَ عنده حتَّى تَحيضينَ حَيضةً"، أي: تَنتظِرَ في بيتِ زَوجِها حتَّى تحيضَ مرَّةً واحدةً، وبذلك تَستبرِئُ فرْجَها وبطْنَها من الحمْلِ
قالت الرُّبَيِّعُ: "وإنَّما تبِعَ في ذلك قَضاءَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مريمَ المَغاليَّةِ"؛ نِسبةً إلى بني مَغالي قَبيلةٍ من الأنصارِ، "وكانت تحتَ ثابتِ بنِ قيسٍ، فاختلَعَتْ منه، وقد أمَرَها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ تعتَدَّ بحَيضةٍ"، كما رواه التِّرمذيُّ؛ فدل هذا الحديثُ على أنَّ عِدَّةَ المُختلِعَةِ حَيضةٌ واحدةٌ، وعُدَّ الخُلْعُ فسخًا وفِراقًا، وليس طلاقًا
وفي الحديثِ: بيانُ مَشروعيَّةِ الخُلْعِ إذا وُجِدَ ضَررٌ على الزَّوجةِ لا تسطيعُ معه أنْ تُقيمَ حُدودَ اللهِ مع زَوجِها