عن قول النبي: " «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة ... الى آخر الحديث و بين قول الله تعالى -: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} ؟
فتاوى و رسائل ابن عثيمين رحمه الله
) وسئل فضيلته: عن قول النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها» أو كما قال، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهل يعارض هذا الحديث قول الله تعالى -: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} ؟
فأجاب حفظه الله تعالى -بقوله:هذا الحديث حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه -يخبر فيه النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع؛ لقرب أجله وموته ثم يسبق عليه الكتاب الأول الذي كتب أنه من أهل النار، فيعمل بعمل أهل النار - والعياذ بالله - فيدخلها، وهذا فيما يبدو للناس ويظهر كما جاء في الحديث الصحيح: «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار» . - نسأل الله العافية - وكذلك الأمر بالنسبة للثاني يعمل الإنسان بعمل أهل النار، فيمُنُّ الله تعالى عليه بالتوبة والرجوع إلى الله عند قرب أجله، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها.
والآية التي ذكرها السائل لا تعارض الحديث لأن الله -تعالى - قال: {أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} ومن أحسن العمل في قلبه وظاهره فإن الله - تعالى -لا يضيع أجره، لكن الأول الذي عمل بعمل أهل الجنة فسبق عليه الكتاب، كان يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس فيسبق عليه الكتاب، وعلى هذا يكون عمله ليس حسنًا وحينئذ لا يعارض الآية الكريمة. والله الموفق.