غسل الميت أكثر من سبعة 2

سنن النسائي

غسل الميت أكثر من سبعة 2

 أخبرنا إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا بشر، عن سلمة بن علقمة، عن محمد، عن بعض إخوته، عن أم عطية قالت: توفيت ابنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرنا بغسلها، فقال: «اغسلنها ثلاثا أو خمسا، أو سبعا أو أكثر من ذلك إن رأيتن»، قالت: قلت: وترا؟ قال: «نعم، واجعلن في الآخرة كافورا، أو شيئا من كافور، فإذا فرغتن فآذنني»، فلما فرغنا آذناه، فأعطانا حقوه وقال: «أشعرنها إياه»

للمَوتى المسلِمينَ حقُّ التَّغسيلِ والتَّكفينِ والدَّفنِ، وقد علَّمَنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كيفيَّةَ أداءِ هذه الحقوقِ، وسُنَنها وآدابَها
وفي هذا الحَديثِ تَروي الصحابيَّةُ أمُّ عطيَّةَ الأنصاريَّةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم دَخَلَ عليهِنَّ وهُنَّ يغسِلْنَ ابنتَه زَيْنبَ رَضيَ اللهُ عنها، وكانَت وفاتُها في أوَّلِ السَّنةِ الثَّامنةِ مِن الهِجرةِ، فأمَر مَن يَغسِلْنَها: أنْ يَبدأْنَ بمَيامِنِها ومَواضِع الوُضوءِ منها، وأنْ يغسِلْنَها وترًا؛ ثَلاثًا أو خَمسًا أو سَبْعًا، والمقصودُ من ذلكَ: أنَّ الغُسلَ يكونُ وِترًا بعددٍ مِن المرَّاتِ حتى يَتِمَّ التنظيفُ الجيِّدُ؛ فإنْ تَمَّ بِثلاثِ مرَّاتٍ -كما في الحديثِ- فإنَّه يَكفي، وإنْ كان لا يَكفي زِيدَ في عَددِ مرَّاتِ التَّغسيلِ، وهكذا وترًا حتى التَّنظيفِ التامِّ، وفي رَوايةٍ: أو أكثَرَ مِن ذلِك حَسَبَ الحاجةِ، بماءٍ وسِدْرٍ، بأنْ يُجعلَ السِّدْرُ في ماءٍ ويُخَضْخَضَ حتَّى تَخرُجَ رَغوتُه، ويُدلَّكَ به جَسدُ المَيتِ، والسِّدْرُ ورقُ شجرِ النَّبْقِ
وأمَرَهُنَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن يَضَعْنَ في الغَسلةِ الأخيرةِ شَيئًا مِن الكافورِ في الماءِ، والكافورُ نباتٌ طيِّبُ الرائحةِ، ومِن فوائدِه أنَّه يُطيَّبُ به المتوفَّى، ويُبرِّدُ الجَسدَ ويطرُدُ الهوامَّ عنه؛ ولذلكَ جُعِل في الغَسلةِ الأخيرةِ، حتَّى لا يُذهِبَه الماءُ
 ثمَّ أخبرَتْ أُمُّ عَطيَّةَ رضيَ اللهُ عنها أنَّهن قُمْنَ بتسويةِ شَعرِ المَيتةِ وتسريحِه، وجَعلِه ثَلاثَ ضَفائِرَ، ولَمَّا انتهَوْا مِن الغُسلِ أعْلَموا النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على حسَبَ ما قد أمَرَهُنَّ به بقولِه: «فإذا فَرَغْتُنَّ فآذِنَّني»، فأعطاهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ "حِقْوَه"، أي: إزارَه؛ ليَجعَلْنَه شِعارًا لها، والشِّعارُ هو الثَّوبُ الَّذي يَلي الجَسَدَ فيَمَسُّ الجِلدَ، ولعلَّ هذا للتبرُّكِ به وليَكونَ رحمةً لها
وفي الحديثِ: تَغسيلُ النِّساءِ للنِّساءِ
وفيه: البَدءُ في غَسْلِ المَيتِ بالمَيامِنِ ومَواضِعِ الوُضوءِ. والتَّثليثُ في غَسْلِ المَيتِ، والزِّيادةُ على ذلِك حَسَبَ الحاجةِ
وفيه: مَشروعيَّةُ غَسلِ المَيتِ بالماءِ والسِّدْرِ، ثُمَّ بالماءِ والكافورِ
وفيه: أنَّه يُسرَّحُ شَعَرُ المَرأةِ، ويُضَفَّرُ ثَلاثَ ضَفائِرَ
وفيه: تَكفينُ المَرأةِ في ثَوبِ الرَّجُلِ
وفيه: التبرُّكُ بآثارِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ولِباسِه