فصل في ترك الدنيا ومخالفة النفس والهوى
أخبرنا محمد بن الحسين قال: سمعت أبا الحسن بن مقسم يقول: سمعت ابن عطاء يقول: قال الجنيد: أرقت ليلة وقمت إلى وردي فلم أجد ما كنت أجد من الحلاوة، فأردت أن أنام فلم أقدر عليه، فقعدت فلم أطق القعود، ففتحت الباب وخرجت، فإذا رجل ملتف في عباءة، مطروح على الطريق، فلما أحس بي رفع رأسه وقال: يا أبا القاسم إلى الساعة؟ قلت: يا سيدي من غير موعد، قال: بلى، سألت محرك القلوب أن يحرك لي قلبك، قلت: قد فعل، فما حاجتك؟ فقال: متى يصير داء النفس دواها؟ فقلت: «إذا [ص:153] خالفت النفس هواها صار داؤها دواءها» فأقبل على نفسه وقال: اسمعي قد اجبتك بهذا الجواب سبع مرات فأبيت إلا أن تسمعيه من الجنيد فقد سمعتيه، وانصرف عني ولم أقف عليه، ولم أعرفه