فضل التسليم على النبي صلى الله عليه وسلم

سنن النسائي

فضل التسليم على النبي صلى الله عليه وسلم

أخبرنا إسحق بن منصور الكوسج، قال: أنبأنا عفان، قال: حدثنا حماد، قال: حدثنا ثابت، قال: قدم علينا سليمان، مولى الحسن ابن علي زمن الحجاج فحدثنا، عن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشرى في وجهه، فقلنا: إنا لنرى البشرى في وجهك، فقال: " إنه أتاني الملك، فقال: يا محمد، إن ربك يقول: أما يرضيك أنه لا يصلي عليك أحد إلا صليت عليه عشرا، ولا يسلم عليك أحد، إلا سلمت عليه عشرا "

أكرَم اللهُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وأمَّتَه بفَضائلَ عديدةٍ، فجَعَل لهم في كثيرٍ مِن الأعمالِ المضاعَفةَ في الأجورِ، وللصَّلاةِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَضائلُ كثيرةٌ؛ فإنَّها تَكْفي الهَمَّ، ويَغفِرُ اللهُ بها الذَّنبَ، وهي سببٌ لصلاةِ اللهِ تعالى على العَبدِ
وفي هذا الحديثِ يُخبرُ أبو طلحةَ رَضِي اللهُ عَنه: أنَّ رسول اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "جاءَ ذاتَ يومٍ والبِشْرُ يُرَى في وجهِه"، أي: طلَع عليهم في يومٍ مِن الأيَّامِ، والاستبشارُ والفرحُ والسُّرورُ ظاهرٌ بيِّنٌ على وجهِه، "فقال"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: إنَّه جاءني جِبريلُ فقال: "أمَا يُرضيك يا محمَّدُ"، قيل: لأنَّ البُشْرى الَّتي سيَذكُرُها جبريلُ له هي بعضُ ما أُعطِي مِن الرِّضا؛ كما في قولِه تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5]، "ألَّا يُصلِّيَ عليك أحَدٌ من أمَّتِك إلَّا صَلَّيتُ عليه عشرًا؟"، أي: ألَّا يَدعُوَ بأن يصلِّيَ اللهُ على النَّبيِّ إلَّا رُدَّتِ المرَّةُ الواحدةُ بعَشرِ مرَّاتٍ، والمقصودُ بصلاةِ اللهِ على العبدِ الثَّناءُ عليه عند الملائكةِ في الملَأِ الأعلى، وقيل: الرَّحمةُ والمغفرةُ والتَّطهيرُ، وقيل: كِلاهما، "ولا يُسلِّمَ عليك أحدٌ مِن أمَّتِك إلَّا سلَّمتُ عليه عشرًا"، أي: ولا يَدعُوَ بأن يُسلِّمَ اللهُ على النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلَّا رُدَّتِ المرَّةُ الواحدةُ بعَشرِ مرَّاتٍ، ومعنى الدُّعاءِ بالسَّلامِ: اللهُ يَكْلَؤُك ويَحفَظُك، ونحوُ ذلك، وقيل: أي: بالسَّلامةِ مِن كلِّ آفةٍ في الدُّنيا والآخرةِ، ويَحتَمِلُ كونُ هذا الدُّعاءِ في حقِّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أعمَّ؛ بحيثُ يَشمَلُ سَلامةَ دينِه وسُنَّتِه
وفي الحديثِ: الفرَحُ والسُّرورُ بفَضلِ اللهِ سبحانه وتعالى، وظُهورُه على الشَّخصِ
وفيه: مُجازاةُ اللهِ سبحانه وتعالى لهذه الأمَّةِ بالأجرِ الجزيلِ على العملِ القليلِ
وفيه: بيانُ فضلِ الصَّلاةِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم