فضل السجود
سنن النسائي
أخبرنا هشام بن عمار، عن هقل بن زياد الدمشقي، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: حدثني ربيعة بن كعب الأسلمي قال: كنت آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوئه وبحاجته، فقال: «سلني»، قلت: مرافقتك في الجنة، قال: «أو غير ذلك»، قلت: هو ذاك، قال: «فأعني على نفسك بكثرة السجود»
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم يحبُّ أصحابَه ويُرشِدُهم إلى كلِّ الخيرِ وإلى أُمورٍ كثيرةٍ تُدخِلُ الجنَّةَ، وكان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم أعظمَ الناسِ حبًّا للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، وحِرصًا على مُرافقَتِه، وكانوا حَريصينَ على سُؤالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم عن الخيرِ، والتَّعرُّفِ على مَعالي الأمورِ الَّتي تُدخِلُ الجنَّةَ وتُبعِدُ عن النَّارِ، وتكون سببًا لمُرافقَتِه في الجنَّةِ
وهذا الحديثُ يُوضِّحُ أحَدَ أسبابِ الفوزِ بالجنَّةِ ومُرافقةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم فيها؛ وفيه يَقولُ رَبيعةُ بنُ كعبٍ الأسلَميُّ رَضِي اللهُ عنه: "كنتُ أَبيتُ"، أي: مِن اللَّيلِ، "معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم فأتَيتُه بوَضوئِه وحاجتِه"، أي: أُحضِرُ له الماءَ الَّذي يتَوضَّأُ به وما يَحتاجُ إليه في أمرِ الطَّهارةِ وغيرِها، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "سَلْني"، أيِ: اطْلُبْ منِّي حاجتَك، أو ما تُريدُه، قال رَبيعةُ: "مُرافَقتَك في الجنَّةِ"، أي: أطلُبُ مُرافَقتَك وصُحبتَك في الجنَّةِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "أوْ غيرَ ذلك؟!"، أي: هل تَطلُبُ طلَبًا غيرَ ذلك مِن أمورِ الدُّنيا أو الآخِرَةِ، ولعلَّ في هذا مُراجَعةً مِن النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ له في طلَبِه؛ حتَّى يتَأكَّدَ مِن إصرارِه عليه، قال رَبيعةُ: "هو ذاك"، أي: أن أكونَ رَفيقَك في الجنَّةِ، وليس لي غيرُه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "فأعِنِّي على نفسِك بكَثرَةِ السُّجودِ"، أي: أعنِّي على هذا الأمرِ حتَّى يُحقِّقَه اللهُ لك، فالْزَمْ كثرةَ السُّجودِ للهِ في الصَّلاةِ في الفرائضِ والنَّوافلِ، وهذا السُّجودُ سَببٌ لدُخول الجنَّةِ ومُرافقتي فيها
وفي الحديثِ: الحَثُّ على كَثرةِ السُّجودِ والتَّرغيبِ فيه
وفيه: بيانُ حِرصِ الصَّحابةِ على السُّؤالِ عن مَعالي الأمورِ وما يُدخِلُ الجنَّةَ