فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة 5

سنن النسائي

فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة 5

أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، عن إسمعيل، قال: أخبرني عامر، قال: أخبرني عروة بن مضرس الطائي، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: أتيتك من جبلي طيئ، أكللت مطيتي، وأتعبت نفسي، ما بقي من حبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال: «من صلى صلاة الغداة ها هنا معنا، وقد أتى عرفة قبل ذلك، فقد قضى تفثه، وتم حجه»

كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم في حِجَّةِ الوَداعِ مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَستَفْتُونه في مَناسِكِ الحَجِّ، ومِن ذلك ما يُخبِر به عُرْوَةُ بنُ مُضَرِّسٍ الطَّائِيُّ رضِيَ اللهُ عنه

في هذا الحديثِ، حيث يقول: "أتيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالموقِفِ، يَعنِي بِجَمْعٍ"، أي: وهو بالمُزْدَلِفَةِ، "قلتُ: جِئتُ يا رسولَ الله مِن جَبَلِ طَيِّئٍ" وهو جَبَلٌ شَرْقَ المدينةِ، "أَكْلَلْتُ مَطِيَّتِي"، أي: أَجْهَدْتُ دابَّتي الَّتِي تَحمِلُني حتَّى تَعِبَتْ، "وأَتْعَبْتُ نفسِي، واللهِ ما ترَكتُ مِن حَبْلٍ إلَّا وَقَفْتُ عليه"، أي: ما تَرَكتُ مِن مكانٍ في حِجَّتِي هذه إلَّا أَقَمْتُ عندَه، وهذا كِنايةٌ عن جَهدِه ومَشَقَّتِه حتَّى يَبلُغَ مَبْلَغَه، والمرادُ بالحَبْلِ: التَّلُّ المكوَّن مِن الرِّمال؛ "فهل لي مِن حَجٍّ؟ فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن أدرَك معنا هذه الصَّلاةَ"، أي: صلاةَ الفَجرِ، "وأَتَى عَرَفَاتٍ قبلَ ذلك ليلًا أو نَهارًا"، أي: وأتَمَّ وُقوفَه بعَرَفَةَ، "فقد تَمَّ حَجُّه"، أي: كَمُل وصَحَّ، وقَضَى تَفَثَه"، أي: أتمَّ مُدَّةَ بَقاءِ التَّفثِ، وأصلُ التَّفثِ: الوسخُ والقَذَرِ، والمعنى: أَصبَح في حِلٍّ في إزالة الأوساخ كقَصِّ الشَّارِبِ وتقليمِ الأَظفارِ وحَلقِ العَانَةِ، وقيل: المرادُ بالتَّفثِ: أنَّ الحاجَّ أدَّى ما عليه مِن مَناسِكَ، والمعنى واحدٌ؛ فإنَّ مَن أدَّى المناسكَ حَلَّ له حَلْقُ رأسِه وقَصُّ أظفارِه، وغيرُ ذلك مِن مَحظوراتِ الإحرامِ. وقيل: إنَّ قضاءَ التَّفَثِ يكونُ بعدَ رميِ الجِمار؛ ففِي سُننِ النَّسائيِّ عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما، قال:" إذا رمَى الجَمرةَ فقدْ حَلَّ له كلُّ شيءٍ، إلَّا النِّساءُ"
وفي الحديثِ: أنَّ مَن وقَف بعرفاتٍ أي وقتٍ ما بينَ الزَّوالِ مِن يومِ عرفةَ إلى أن يَطلُعَ الفجرُ مِن يومِ النَّحْرِ، فقدْ أدْرَكَ الحجَّ