كتاب الأحباس 1
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن الحارث، قال: «ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما، ولا عبدا ولا أمة، إلا بغلته الشهباء التي كان يركبها، وسلاحه وأرضا جعلها في سبيل الله» وقال قتيبة، مرة أخرى: «صدقة»
أعْطى اللهُ سُبحانَه لنَبيِّه مَفاتِحَ الغِنى والدُّنْيا، وأحَلَّ له الغَنائمَ، إلَّا أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان زاهِدًا في الدُّنْيا، وقدْ جعَلَ الدُّنْيا في يَدَيْه، وليس في قَلبِه، وكان لا يدَّخِرُ منها إلَّا قُوتَ أهلِه؛ رِعايةً لهم
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عَمرُو بنُ الحارِثِ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما ترَكَ عندَ مَوتِه دِرهَمًا، ولا دينارًا؛ بل أنفَقَ كلَّ ما عندَه مِن المالِ، ولم يُبقِ عَبدًا، ولا أَمَةً؛ فمنهم مَن أعْتَقَه، ومنْهم مَن مات قبْلَ وَفاتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. فلمْ يَترُكْ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن المالِ إلَّا بَغلَتَه البَيْضاءَ الَّتي كان يَركَبُها، قيلَ: البَغْلةُ دُلدُلُ الَّتي أهْداها له المُقَوْقِسُ، وقد كانت لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَغْلاتٌ أُخَرُ، ولكنْ قالوا: لم يَبْقَ بعدَ وَفاتِه سِوى هذه البَغْلةِ، وقالوا: عُمِّرَت بعدَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى ماتت في خِلافةِ مُعاويةَ رَضيَ اللهُ عنه، وسِلاحَه الَّذي أعَدَّه للحَربِ، كالسُّيوفِ، وأرْضًا جعَلَها لابنِ السَّبيلِ صَدَقةً، وهي نِصفُ فَدَكَ، وثُلُثُ أرضِ وادي القُرى، وسَهمُه مِن خُمُسِ خَيْبرَ، ونَصيبُه مِن أرضِ بَني النَّضيرِ
وقدْ ترَكَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أشْياءَ أُخْرى، مِثلَ أثْوابِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأمْتِعةِ البيتِ، وقدْ سكَتَ الرَّاوي عن ذِكرِها؛ لكَونِها من الأمور المعروفة