كتاب الاستعاذة 2
سنن النسائي
أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن معاذ بن عبد الله بن خبيب، عن أبيه، قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق مكة، فأصبت خلوة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدنوت منه، فقال: «قل» فقلت: ما أقول؟، قال: «قل» قلت: ما أقول؟، قال: «قل أعوذ برب الفلق حتى ختمها»، ثم قال: «قل أعوذ برب الناس حتى ختمها»، ثم قال: «ما تعوذ الناس بأفضل منهما»
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم حَريصًا على ما يَنْفعُ أصحابَه رضِيَ اللهُ عنهم وأُمَّتَه مِن بَعدِهم في الدُّنيا والآخِرةِ؛ فكان صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يُعلِّمُهم حتَّى تتِمَّ لهم المَنفعَةُ، وتَكمُلَ الفائدَةُ
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ الصَّحابيُّ الجَليلُ عبدُ اللهِ بنُ خُبَيبٍ رضِيَ اللهُ عنه: "خرَجْنا في ليلَةِ مطَرٍ"، أي: ليلةٍ كثيرَةِ المطَرِ، "وظُلْمةٍ شَديدةٍ"، أي: كان الظَّلامُ شديدًا، "نطْلُبُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم"، أي: نبْحثُ عنه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم؛ "ليُصلِّي لنا"، أي: يُصلِّي بنا إمامًا، "فأدْرَكناهُ"، أي: لحِقْنا بهِ ووجَدْناه، فقال لهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "أَصلَّيتُم"، أي: هل أدَّيتُمُ الصَّلاةَ؟ قال عبدُ اللهِ: "فلم أقُلْ شيئًا"، أي: فلم أدْرِ ما أُجيبُ وَسَكَتُّ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "قُلْ"، أي: اقرَأْ، فقال عبدُ اللهِ: "ما أقولُ؟"، أي: ما أقْرأُ؟ فعاد عليهِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قولَه: "قُلْ"، فقال عبدُ اللهِ: "ما أقولُ يا رسولَ اللهِ؟"، أي: ما أقرَأُ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "قُلْ"، أي: اقرَأْ، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، أي: اقرَأْ سورَةَ الإخلاصِ الَّتي تَبدأُ بـ{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، "والمعَوِّذتَينِ"، أي: سُورتَيِ الفلَقِ والنَّاسِ؛ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، "حين تُمْسي"، أي: إذا دخَلَ وقْتُ المساءِ، "وحين تُصبِحُ"، أي: إذا دخَلَ عليك وقْتُ الصَّباحِ، "ثلاثَ مرَّاتٍ"، أي: اقرَأْ تِلك السُّوَرَ ثلاثَ مرَّاتٍ حين تُصبِحُ وحين تُمْسي، "تَكفيكَ مِن كلِّ شيْءٍ"، أي: تَحْفظُك مِن كلِّ شرٍّ وتَقيك من كلِّ سوءٍ
وفي الحديثِ: فَضلُ قِراءةِ سُورةِ الإخلاصِ والمُعوِّذتَينِ