كتاب الضحايا 1
سنن النسائي
أخبرنا سليمان بن سلم البلخي قال: حدثنا النضر وهو ابن شميل قال: أنبأنا شعبة، عن مالك بن أنس، عن ابن مسلم، عن سعيد بن المسيب، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من رأى هلال ذي الحجة، فأراد أن يضحي، فلا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره حتى يضحي»
الأُضحيَّةُ هي ما يُقدِّمُه القادرون قُربةً للهِ في أيَّامِ عِيدِ الأضحى، فيَذبَحُ كلُّ واحدٍ على حسَبِ استطاعتِه وما يَقدِرُ عليه مِن الأنعامِ؛ مِن الإبلِ أو البقَرِ أو الضَّأنِ، وعلى المُضحِّي أنْ يَتَّبِعَ السُّننَ والآدابَ الشَّرعيَّةَ؛ لأنَّها إنْ تَمَّت على وَفْقِ الشَّرعِ ووَفْقِ أهدافِه أعْطى اللهُ للمسْلمِ ثَوابًا عظيمًا
وفي هذا الحديثِ يَقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «مَن كانَ له ذِبْحٌ يَذبَحُه» أَي: عِنده قُدرةٌ واستطاعةٌ أنْ يَذبَحَ ما يُمكِنُه مِن الإبلِ أو البقرِ أو الغنمِ ممَّا تَوافرتْ شُروطُه الشَّرعيَّةُ، فإذا ثَبَتَ دُخولُ شَهرُ ذي الحِجَّةِ بظُهورِ هِلالِه، فعَلَى مَن أَرادَ أنْ يُضحِّيَ ألَّا يَأخُذَ شَيئًا مِن شَعرِه، سَواءٌ كانَ شَعرَ الرَّأسِ أو شَعرَ الإِبْطِ أو العانةِ، ولا مِن أَظفارِه، سَواءٌ كانَ ظُفرَ يدٍ أو رِجلٍ، بلْ يَترُكُ ذلك كلَّه حتَّى يَذبَحَ أُضحيَّتَه، وفي ذلك تَشبُّهٌ بالمُحْرِمِ، فكَما أنَّ المُحرِمَ بالحجِّ في ذلك الوقتِ لا يَأخُذُ شَيئًا مِنَ شَعرِه أوِ أظْفارِه، فكَذلكَ غَيرُ المُحرِمِ له نَصيبٌ مِن شَعائرِ النُّسُكِ، فَأَمَرَه ألَّا يَأخُذَ شَيئًا مِن شَعرِه وأَظفارِه، فيَستشْعِرُ بذلك ما عليه المحْرِمون مِن أحوالٍ، ويَتذَكَّرُ ما هُم فيه مِن رَحمةٍ ورِضوانٍ، فَيسأَلُ اللهَ مِن فضْلِه، ويَرْجو رَحمتَه، ويَخْشى عَذابَه