كتاب العمرى 2
سنن النسائي
أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني عمرو بن دينار، قال: سمعت طاوسا، يحدث، عن حجر المدري، عن زيد بن ثابت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العمرى للوارث»
كان في الجاهليَّةِ عاداتٌ ومُعاملاتٌ، ولَمَّا أتَى الإسلامُ هَدمَ منها ما فيه تَجاوُزٌ وظُلمٌ، ونَظَّم أمورَ التَّعاملِ بين النَّاسِ حتَّى لا يقَعَ النِّزاعُ بينهم
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضِي اللهُ عَنهما: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قضَى بالعُمْرَى"، والعُمْرَى: هي تَمليكُ المنافِعِ لغيرِه؛ كالهِبةِ والهَديَّةِ، كأنْ يقولَ المرءُ لغيرِه: أَعمرتُك هذه الدَّارَ، ونحوَ ذلك؛ فتقَعُ هذه الدَّارُ منه مَوقِعَ الهديَّةِ لصاحبِه مثلًا، وقضَى بها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، أي: حَكَم أنَّها "للوارِثِ"، أي: صارَتْ مِلكًا لِلمَدفوعِ إليهِ يَنتفِعُ بها في حَياتِه، ثمَّ هي لِورثَتِه بعدَ مَوتِه؛ فهي كسائرِ أملاكِ الرَّجلِ المدفوعَةِ إليه، ولا تَرجِعُ لِمن دفَعَها له بعدَ موتِ أحدِهما، ولكنْ هي مِن مَواريثِ الرَّجلِ المدفوعَةِ إليه
وقد وردَت رِواياتٌ كثيرةٌ في العُمرَى، وبمَجموعِها قال جمهورُ العلماءِ: إنَّ الْمُعْمَرَ الَّذي أُعطيَتْ له يَملِكُ العُمرَى مِلكًا تامًّا يتصرَّفُ فيها تصرُّفَ المُلَّاكِ، واشترَطوا فيها القَبضَ على أُصولِهم في الهِباتِ