ما يفعل من تعرض لماله 2
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن ابن الهاد، عن عمرو بن قهيد الغفاري، عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أرأيت إن عدي على مالي، قال: «فانشد بالله». قال: فإن أبوا علي؟ قال: «فانشد بالله». قال: فإن أبوا علي؟ قال: «فانشد بالله». قال: فإن أبوا علي؟ قال: «فقاتل، فإن قتلت ففي الجنة، وإن قتلت ففي النار»
لقد حفِظَ الإسلامُ الضَّروراتِ الخمسَ؛ الدِّينَ والعقلَ والنَّفسَ والنَّسبَ والمالَ
وفي هذا الحديثِ يقولُ مُخارِقُ بنُ سُلَيمٍ الشَّيبانيُّ رَضِي اللهُ عَنه: "جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقال: الرَّجلُ يَأتيني فيُريدُ مالي؟"، أي: غَصْبًا وقَهرًا؛ فماذا أفعَلُ معه؟ فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ذَكِّرْه باللهِ"، أي: عِظْه بالتَّرغيبِ في الحَلالِ وتَرهيبِه مِن أخْذِ الحرامِ، فقال الرَّجلُ: "فإنْ لم يَذَّكَّرْ؟"، أي: فإن لم يَستَجِبْ للموعظةِ وأصرَّ على أخذِ المالِ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "فاستَعِنْ عليه مَن حولَك مِن المسلِمين"، أي: اطلُبْ مِن المسلِمين أن يُعينوك عليه ويَمنَعوه عنك وعن أخذِ مالِك، قال الرَّجلُ: "فإنْ لم يَكُنْ حولي أحٌد مِن المسلمين؟"، أي: كان وحيدًا، أو بعيدًا عنهم؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "فاستَعِنْ عليه بالسُّلطانِ"، أي: ارفَعْ أمْرَك لوليِّ الأمرِ حتَّى يَصُدَّه عنك، قال الرَّجلُ: "فإنْ نأى السُّلطانُ عنِّي؟"، أي: بَعُدَ زَمانُه ومكانُه فلا يَستطيعُ أن يُبلِّغَ السُّلطانَ أو ولِيَّ الأمرِ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "قاتِلْ دونَ مالِكَ"، أي: قاتِلِ المعتدِيَ والغاصبَ لمالِك، إمَّا أنْ تَقتُلَه، وإمَّا أن يَقتُلَك، "حتَّى تكونَ مِن شُهداءِ الآخرةِ"، أي: بقَتلِه لك، وذِكرُه مِن شُهداءِ الآخرةِ تَمييزًا له عن شُهداءِ الدُّنيا الَّذي لا يُغسَّلُ ولا يُكفَّنُ إلَّا في ثيابِه الَّتي استُشهِد بها، وهو الَّذي يُقتَلُ في الحَرْبِ في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ دِفاعًا عن دِينِه، "أو تَمنَعَ مالَك"، أي: تَحفَظَه منه بقَتلِك للمُعتدي
وفي الحَديثِ: التَّدرُّجُ في الدِّفاعِ مع المعتدي كما ذُكِر في الحديثِ
وفيه: بَيانٌ لأقسامِ الشُّهداءِ، وأنَّهم ينقَسِمون إلى شهداءِ دُنيا، وشهداءِ آخرةٍ