ما يفعل من حبس عن الحج ولم يكن اشترط 1
سنن النسائي
أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سالم، قال: كان ابن عمر ينكر الاشتراط في الحج، ويقول: «أليس حسبكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت، وبالصفا والمروة، ثم حل من كل شيء حتى يحج عاما قابلا، ويهدي، ويصوم، إن لم يجد هديا»
الإحصارُ في الحجِّ أو العُمرةِ هو المنْعُ والحبسُ عَنِ المسجدِ الحرامِ بعَدُوٍّ، أو بمرَضٍ، أو غيرِهما، فإذا نوَى المسلمُ أنْ يَحُجَّ أو يَعتمِرَ، ثُمَّ حُبسَ عَن إتمامِ حجِّهِ أو عمْرَتِه؛ فهو مُحصَرٌ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ سَالمُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، أنَّ أباهُ رَضيَ اللهُ عنه كان يَقولُ: ألَا يَكْفيكم ما جاءَ في سُنَّةِ نَبيِّكم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ وهو أنَّه إذا أُحْصِرَ أحدُكم، ومُنِعَ عَنِ رُكنِه الأساسيِّ -وهو الوقوفُ بِعَرَفةَ- لِعُذْرٍ مِنَ الأعذارِ الشَّرعيَّةِ، ولكنَّه تمكَّنَ مِن دُخولِ مكَّةَ؛ فإنَّ عليه أنْ يَتحلَّلَ، فيَطوفَ بِالبيتِ، ويَسعَى بيْنَ الصَّفا والمروةِ، إنْ أمْكَنَه ذلك، ويَحلِقَ أو يُقصِّرَ، ثُمَّ يَخلَعَ ثِيابَ إحرامِه، فَيُصبحَ حَلالًا يَحِلُّ له كلُّ شَيءٍ حتَّى النِّساءُ، ويَستمرُّ مُتحلِّلًا من إحرامِه حتَّى يَقضِيَ حَجَّه مِنَ العامِ القادمِ، وعلى المُحصَرِ أنْ يَذبحَ هدْيًا مِن بَهيمةِ الأنعامِ، وهي الإبلُ والبقَرُ، والغنَمُ والمعْزُ، وإنْ لم يَجِدِ الهدْيَ صَامَ عشَرةَ أيَّامٍ؛ ثلاثةً في الحَجِّ، وسَبعةً إذا رجَعَ
وقدْ جعَل ابنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما حُكمَ الحجِّ والعُمرةِ في الإحصارِ سواءً؛ وذلك لأن النبيّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يُحصَرْ في حَجٍّ، إنَّما أُحصِرَ في عُمرةِ الحُدَيبيَةِ في العامِ السادسِ مِن الهِجرةِ، فقاسَ ابنُ عُمرَ الحجَّ على العُمرةِ. وهذا إذا لم يَشترِطْ وقْتَ إحرامِه التَّحلُّلَ إذا أُحصِرَ، أمَّا لو اشترَطَ أحلَّ، وليس عليه شَيءٌ؛ لِما وَرَدَ في الصَّحيحَينِ عن أمِّ المؤمنينَ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها قالتْ: «دَخَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على ضُباعةَ بنتِ الزُّبيرِ، فقال لها: لعلَّكِ أردْتِ الحجَّ؟ قالت: واللهِ لا أجِدُني إلَّا وَجِعةً، فقال لها: حُجِّي واشتَرِطي، وقولِي: اللَّهمَّ مَحلِّي حيث حَبَسْتَني»
وفي الحديثِ: إثباتُ القِياسِ؛ لاستِعمالِ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم له