ما يفعل من قام من اثنتين ناسيا ولم يتشهد 1
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة بن سعيد، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبد الله ابن بحينة، قال: «صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم قام فلم يجلس، فقام الناس معه، فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه، كبر فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلم»
الصَّلاةُ عِبادةٌ رُوحيَّةٌ، وفيها يَقِفُ العبدُ بيْن يَدَيْ ربِّه سُبحانَه وتعالَى، ويَلْزَمُ فيها الخُشوعُ والتَّدبُّرُ وعدَمُ الانشغالِ بأحوالِ الدُّنيا، ولكنَّ الإنسانَ قدْ يَسْهو فيها، فيَنقُصُ أو يَزيدُ في بَعضِ أفعالِها، وهذا السَّهوُ يَحتاجُ إلى ما يَجْبُرُه، وقدْ شرَعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَجدَتَيِ السَّهوِ لمِثلِ ذلك
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ مالكٍ ابنُ بُحَيْنَةَ رَضِيَ اللهُ عنه -وبُحَيْنةُ أمُّ عبدِ اللهِ- أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى بهم إحدى الصَّلَواتِ، وفي الصَّحيحَينِ أنَّها كانت صلاةَ الظُّهرِ، فلمَّا قام مِن السُّجودِ الثَّاني في الرَّكْعةِ الثَّانيةِ، لم يجلِسْ للتَّشهُّدِ الأَوْسَطِ، وقام إلى الرَّكعةِ الثَّالثةِ مُباشرةً، فمَضَى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الصَّلاةِ ولم يَرْجِعْ إلى الجُلوسِ واستكمل الرَّكعتَينِ الأُخرَيَينِ، فلمَّا انتهى مِن الصَّلاةِ وتشهَّدَ التشَهُّدَ الأخيرَ، انْتَظَر النَّاسُ أنْ يُسلِّمَ ويُنْهيَ الصَّلاةَ، ولكِنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كبَّر وسَجَد للسَّهْوِ سَجدتَيْن قبْلَ أنْ يُسلِّم، ثُمَّ رَفَع رأْسَه وسَلَّم من الصَّلاةِ، ويُشرَعُ في سَجدَتَيِ السَّهوِ ما يُشرَعُ في السُّجودِ عامَّةً
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ سُجودِ السَّهوِ قبْلَ التَّسليمِ
وفيه: وُقوعُ السَّهوِ مِن الأنبياءِ علَيْهمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ في الأفعالِ، وهذا غيرُ مُخِلٍّ بمَقامِ النبوَّةِ أو بشَيءٍ مِن الشَّريعةِ