محاضرة 30

بطاقات دعوية

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له،ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.

 هذه المحاضرة هى الثلاثون من علم العقيدة،ذكرتُ فى المحاضرة السابقة عدة أمورٍمنها :-

  • ذكرتُ الدليل الرابع عند أهل السنة والجماعة والذين يثبتون به وجود الله عز وجل ألا وهو معجزةُ الرُسَل وخلاصةُ هذا الدليل أنَ لكلِ مُرسَل مُرسِلاً، إذاً الرسلُ دليل واضح على وجودِ البارى  إذاً المُرسِلُ موجود.
  • بينتُ أيضاً أنه متى كثُرت الموانع التى تمنع من الوقوع فى المحظور بوجهٍ عام فضاعف العقاب عياذاً بالله تعالى وضربتُ أمثلةً كثيرة منها الثيب والبكر فى موضوع الزنى ومنها أيضاً السارق والناهب والمختلس فهذا له شأن وذاك له شأنٌ آخر.
  • بينتُ أن معجزات جميع الأنبياء بلا استثناء معجزات حسية خلا نبيِنا صلى الله عليه وسلم
  • بينتُ أن معجزةَ نبيِنا صلى الله عليه وسلم كانت معنوية بمعنى وحى من الله تعالى بمعنى العلم.
  • بينتُ أيضاً أن اتباعَ العلمِ أكثرَ عدداً من اتباع الحسيات فى الجنة حيثُ بينتُ أن أهل الجنة مئة وعشرون صفة منها ثمانون من هذه الأمة أى أن ثُلَثىَّ أهل الجنة من أمةَ محمد صلى الله عليه وسلم وعليه بينتُ أن صلاحَ الأمة لا يُمكنَ أن يكون إلا بالعلم النافع والعمل الصالح والعلم النافع والعمل الصالح هما سببَ نجاح الرعيل الأول بعد فضل الله ورحمتِه عز وجل .

واليوم إن شاء الله تعالى نبدء فى الدليل الخامس ألا وهو (اجماع الأمم) وكما ترى من العنوان اجماع الأمم وما قلتُ اجماع أمة محمد صلى الله عليه وسلم وإن كان يكفى فإن هذه الأمة متى اجتمعت على شىءٍ قولاً واحداً لا يكونُ إلا حقا كما بينا ذلك فى علم الأصول.

(اجماع الأمم) هنا يقول المصنف فى فيض المجيد (لقد أجمع المُشركون على وجودِ اللهِ تعالىوذلك من خلالِ الإقرار بأنه سبحانه خالقٌ لكلِ شىء وأنه لم يُشاركه أحدٌ فى خلقِ السماوات والأرض ولا فى غيرِها ) قلتُ الذى يدل على صحة هذه المقدمة أو هذا الكلام أن الله تعالىيقول (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) [39:38]

هذه الآية لابد أولاً أن نبينَ منها وجه الإستدلال

 ثم الثانية أن فيها من المسائل الشىء الكثير أذكرُ بعضها.

فأما وجه الاستدلال هو قوله تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ)

 هذا الضمير هم فى قوله (سألتهم) عائداً على من أو من المسئول؟

هم المشركون أى ولئن سئلت يامحمد المشركين من خلق السماوات والأرض كان جوابهم ولا ريب الله عز وجل  وهذا اجماعُ الأمم الكافرة إذاً هو دليلٌ على وجودِ الله تعالىإن كانوا يُقرون بأن خالق السماوات والأرض هو الله إذاً يُقرون بوجود الله تعالىفهذه طريقة أهل السنة من خلالِ هذا الدليل ألا وهو (اجماعُ الأمم) بل والله لو قلتُ بأن جميع المخلوقات بلا استثناء تعلمُ بوجودِ الله تعالىلم أخطأ ولا واحد فى التريليون فإن جميع الحيوانات تعلمُ بوجودِ الله تعالىفإن جميع النباتات تعلمُ بوجود الله تعالىفإن جميع الجمادات تعلم بوجود الله تعالىفما بالك بالأنس والجن والملائكة وغير ذلك والنصوص على ذلك كثيرة جداً وقد ذكرتُ من الطيرِ مثلاً هدهد سليمان وذكرتُ مثلاً من دوابِ الأرضَ النمل بل كما قلتُ واللهِ النباتاتُ تعلمُ ذلك قولاً واحداً وقصصها لا تنتهى منها ما ثبتَ من قصةِ حنين الجذع الذى كان صلى الله عليه وسلم  يتكىءُ عليه وهو يخطب الناس فلما صُنعَ له المنبر تركهُ وصعدَ على المنبر يقول الصحابة والله كنا نسمعُ أنينه أى يئنُ ويبكى لفراق الذكرِ من عليه لذلك نزل صلى الله عليه وسلم واحتتضنه وقال إن لم أحتضنه لظل يئِنُ إلى يومِ القيامة.

ألا يعلم أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو رسول الله؟

 ألا يعلم هذا الجذع أنه مُرسَل وأن الذى أرسَله هو الله؟

 إذاً الله تعالىمعلوم وموجودٌ عند جذع النخلة

وقصةُ جابر فى الشجرتين أظهرُ من النارِ على العلم حيثُ صلى الله عليه وسلم كان إذا أرادَ أن يقضىَّ حاجته كان لابد وأن يستتر بشىءٍ فلم يجد إلا شجرتين متباعدتين فقال ياجابر أذهب إلى هذه الشجرة ومُرها أنت تأتىَّ بجوار أختها فقال جابر والله رأيتها تشقُ الأرض فوقفت بجانب أخِتها فقضى النبى صلى الله عليه وسلم حاجته ثم قال ياجابر مُرَها أن تعود إلى مكانها .

هذه الشجرة لا تدرى من الآمر؟

الآمر هو نبينا صلى الله عليه وسلم

لا تدرى أنه نبىَّ؟

بل هو نبىَّ صلى الله عليه وسلم

بل غصن الشجرة لما جاء له الأعرابىَّ قال من يشهدُ لك أنك رسول الله قال هذا الغصن فقال صلى الله عليه وسلم أنزل فنزل فقال من أنا؟

 قال أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أين نذهب بمثلِ هذه النصوص وهى من أصح الأسانيد كما هو معلومٌ فى مكانه.

السؤال التى شهدت بأنه رسول شهدت بأن له مُرسِلٌ وهو الله تعالىفهذه النباتات جميعُها بلا استثناء تعلم الله تعالى

وأنتم تعلمون أيضاً قصة الذئب

وتعلمون أيضاً قصة البعير

وتعلمون أيضاً قصة تسبيحُ الحصى

وتعلمون من كتاب الله تعالىأن الجمادات يسبحن وأن الله تعالىسخر الجبال يسبحن معه والطير كلُ هذه العوالم تعلمُ الله تعالىإلا هؤلاء المتخلفون الذين يزعمون أنهم من أصحاب العقول سواء أكانوا الفلاسفة أو المناطقة أوالصابئة أو الزنادقة أوالملاحدة أو من تبعهم من المتكلمين كالأشاعرة ومن دونهم يقولون كل هذا لا يدلُ على وجود الله.

 سبحان الله العظيم!!

 أيكون الذئبُ أفضلَ منكم والبعير؟!!

 نسألُ الله السلامة والعافية، بل لو نطقَ ملحدٌ بلسانهِ بأنه لاإله فوالله إنه يكذبُ على نفسهِ وقد ضربَ الله تعالىمثلاً على هذه الجزئية ومثلُ فرعون فرعونُ هو الذى قال (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) [سورة القصص:38]

 وهذه هى الكلمةُ الأولى

وقال (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) [سورة النازعات:24]

 وهذه هى الكلمة الثانية

 (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى) [سورة النازعات:25]

 الكلمة الأولى ونكال الكلمة الثانية أعنى (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى)

إذاً منطوقُ كلامِ فرعون ماذا؟

أنه يقول لا يوجد إله بل أنا الإله فهل هو صادق فى هذه الدعوى؟

 لا والله إنه كاذبٌ وقد كذبه الله تعالىكما فى آية الإسراء لما تجادل مع موسى عليه السلام انظر على رد موسى عليه السلام على هذا المجرم قال لفرعون(قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا) [سورة الإسراء: 102] إذاً يعلمُ فرعونَ أن هناك إلهاً موجوداً عز وجل  فمهما أدعى أنه لا إله فمما لا شك فيه هو يكذبُ على نفسه أولاً ثم يكذبُ على الناس فهذه الآية تحكى منطوقاً أن هناك رباً للسموات والأرض يعتقدهُ فرعون نسألُ الله السلامة والعافية المشركون يُقرون بتوحيد الربوبية (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ [سورة الزمر:38])

إذاً هم يُقرون بأن الله عز وجل  خالقٌ وكما قلتُ سابقاً جعلها الله تعالىمقدمة إلزامية للإقرار بتوحيد الألوهية (لَيَقُولُنَّ اللَّهُ)

 فأثبتوا لفظَ الجلالة وأنتم تعلمون أن مُقتضى الألوهية مُقتضى توحيد الألوهية إفرادُ الله تعالىبالعبادة ولكنهم أشركوا فصحَ الإنكارُ عليهم مباشرةً (قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) الذى يجب أن تعلَمهُ ونقف عنده وقفةً طويلة لما؟

 لأن الإرجاء عياذاً بالله تعالى لا يكادُ يُغادر لسان كثير من الناس نسألُ الله السلامة والعافية وأولُ هذه القضية الكبيرة أنهم جعلوا العقيدة فى شِق وجعلوا الحلال والحرام فى شقٍ آخر فكلُ المتكلمين بلا استثناء لهم عقيدة كأنه يقول أنا أشعرىُ العقيدة ثم تفاجىء يقول أنا شافعىَّ المذهب سبحانك يارب!!

طيب أنت أثبت العقيدة بماذا؟

بكلام افلاطون وسقراط وكذا والحلال والحرام أثبته بماذا؟

 بقال الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت فصلت بينهم فالإرجاء فصلٌ بين القلب والجارحة فيُثبتون أشياء فى القلب ليس لها أثار على الجارحة بأىِ وجهٍ من الوجوه كما يقولون عياذاً بالله تعالى وهذا مكرٌ من القولِ وزورا نسألُ الله السلامة والعافية فبقدرِ سلامةِ العقيدة بقدرِ سلامة القلب بقدر سلامة الجوارح أى سلامة الحلال والحرام هذه واحدة.

 الشىءُ الثانى أن الحلال والحرام عقيدة لذلك تتذكرون

 (قصة عدىَّ بن حاتم رضي الله عنه أتيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليبٌ من ذَهبٍ. فقالَ يا عديُّ اطرح عنْكَ هذا الوثَنَ وسمعتُهُ يقرأُ في سورةِ براءةٌ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ أما إنَّهم لم يَكونوا يعبدونَهم ولَكنَّهم كانوا إذا أحلُّوا لَهم شيئًا استحلُّوهُ وإذا حرَّموا عليْهم شيئًا حرَّموه) أخرجه الترمذي (3095)

 فجعل النبى صلى الله عليه وسلم  أن تحليل الحرام وتحريم الحلال عبادة من دون الله تعالىفمن هذا الذى فصلَ العقيدة عن الفقه؟!!

 فهذا أمرٌ فى غايةِ الخطورة لذلك عياذاً بالله تعالى انظروا إلى بذرة العلمانية لم تُولد فى لحظةٍ إنما المرجئةُ على مر العصور فصلوا بين القلبِ وبين الجارحة ثم فجاءة فصلوا بين الشارع وبين المسجد ثم فجاءة فصلوا بين الدولة وبين الدين هذه هى البذرة بذرةُ العلمانية والليبرالية كما بينتُ ذلك فى كتابنا (دين الدولة ) وكتاب (دلة الدين)، كذلك فى هذه الآية أن الله تعالىأثبتَ لآلهتهم العجز فلا نفعَ يجرونه على من يعبدونه ولا ضرَ يدفعونه عن من يعبدونهم لذلك قال المولى تعالى(إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ) ولذلك لازمُ هذا الكلامَ إثباتُ القدرةِ التامة لله تعالىفهو النافعُ الضار فما شاءهُ عز وجل  كان وإن لم يشاءه العالمون وما شاءه العالمون لم ولن يكون حتى يشاءَهُ الله عز وجل  فإن كان هذا هو وصفَ الإله عز وجل  وجبَ علينا أو أمر الله تعالىنبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول (قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ) أى كفاينى الله تعالىومن كان هذا شأنهُ تعينَ أن نتوكلَ عليه فى جميعِ أحوالِنا فتعينَ من الآية السابقة أن ما سبق يؤكدُ أن كل الخلائق أقروا بوجود الربِ عز وجل .

 ما سبق أؤكدُ أن كل الخلائق أقروا بأن الربَ هو الخالقُ عز وجل  فصحَ أن يُقال (إجماعُ الأمم) إجماعُ جميع العوالم وليس إجماع الأمم فقط ، لذلك هذه من الأمور المهمة.

ما يؤكدُ ما سبق أعنى (إجماع الخلائق)

قول المولى تعالى(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) [سورة الزخرف:9]

قلتُ المشركون لا يُقرون بتوحيد الربوبية فحسب بل يُقرون بأن الله تعالىله الأسماءُ الحسنى ولاصفات العلى لأن جوابهم

(لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ)  فذكرواوصفين لله تعالىأنه ذو عزة وأنه ذو علمٍ فهو عزيزٌ وهو عليم لأننا قُلنا فيما سبقَ على عُجالة أن أسماء الله تعالىمشتقةٌ من صفاته العزيزُ يُعزُ من يشاء ويُذلُ من يشاء العليمُ فلا يخفى عليه حال أى شىءٍ مهما إن كانت لذلك المولى تعالىيقولُ (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [سورة الأنعام:59]

 ورب الكعبة هذه الورقة التى تراها تسقطُ من الشجرة والله ما سقطت إلا بعد قولهِ كن ولم تسقط إلا بعلم الله تعالىويعلمُ أين هى؟ أين مُستقرها ؟

 كل هذه من البديهيات عند عوامِ الناس فضلاً عن من يدعى الإلتزام فتعين أن ما سبقَ يؤكدُ أن كلَ الخلائق أقروا بوجودِ الرب عز وجل  أقروا بأن الرب هو الخالق عز وجل  فصح مرةً ثانية أن أقولَ أن اجماعَ جميعِ العوالم وليس اجماع الأمم فقط يُقرون بوجودِ الربَ عز وجل  أؤكدُ ذلك أيضاً بقوله عز وجل  

(قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ [سورة المؤمنون:85:84]

 انتبه هذه واحدة

(قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ) [سورة المؤمنون:87:86])

هذه الثانية

 (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) [سورة المؤمنون:89:88]

 وهذه الثالثة آيات من سورة المؤمنون هذه الآيات فيها فوائد فى غاية الخطورة أولُها ما نريدُ أن نثبته من خلال (اجماع الأمم)

 بأن الله تعالىموجودٌ الآيات بينت أيضاً أن الخلائقَ لله تعالىأن جميعَ الخلائق تُقرُ بالربوبية

 (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ)

 فكان إقراراً لوجودِ البارى عز وجل  طالما أنها أقرت بالربوبية إذاً تقرُ بوجود البارى عز وجل  هذه الآيات فى الحقيقة فيها شىءٌ عجيب ويجب أن تنتبه له وأخصُ بالذكر أنكَ تتصدرُ الدعوة لابد وأن تعلمَ أن سنة الله تعالىفى خلقه التدرج ولا يوجد شىء سُنَّ على هذه الأمة إلا من باب التدرج لو نظرتَ للصلاة تدرجُها معلوم إلى الصيام معلوم أنه نزل متدرجاً إلى الزكاة معلوم أنها نزلت مُتدرجة إلى الحج معلومٌ أنه نزل متدرجاً إلى غيرِ ذلك من الأمور نبينا صلى الله عليه وسلم  (مروا صبيانكم بالصلاة عند سبع وأضربوهم عليها عند عشر) تدرج  قال تعالى (فعظوهن) وبعد ذلك (فاهجروهن) وبعد ذلك (فاضربوهن) تدرج فى باب الإيجاب أفعل وفى باب السلب أى لا تفعل لابد من التدرج وإلا عياذاً بالله تعالى نفرَ الناس أما تريد أن تصدُمَ الناس بما وصلت إليه من مستوى وتريدُ منهم أن يبدءوا من حيثُ أنتهيت هذه والله أمرٌ من عجائبِ الأمور بل هذا موجود فى أى علم من علوم الدنيا انظر إلى هذه الآية العجيبة التدرج فى إقامة الحجة على الخلق الولى تعالىقال (قل أفلا تتذكرون أى لا ينبغى بعد إقراركم أن تصرفوا العبادة لغير الله عزوجل هذه مرحلة ثم فجأة (قل أفلا تتقون) أى أفلا تتخافون عقابه وتحذرون عذابه بعد إقراركم السابق فلم ينفع ذلك (قل فأنى تسحرون) أى كيف تذهبُ عقلوكم انظر إلى هذا التوبيخ الرهيب هل بدء به المولى تعالىأم بدء وتدرج من الأدنى إلى الأعلى فكذلك كلُ العلوم إذا أردتَ أن تتعلمها تبدءُ السلُم من أولهِ أما أن تصدم نفسك أو تصدم الناس هذا ليس من الدينِ فى شىء أى كيف تذهبُ عقولكم فى عبادته وتُشركون مع الله تعالىمع اعترافِكم ومع علِمكم بذلك لذلك جاء بعدها (بل آتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون) نسألُ الله السلامة والعافية.

ثم قال المُصنف هنا (فهؤلاء المشركون يُقرون بأن الصانعَ هو الله عز وجل  ولكن كفروا بأن جعلوا لله شركاء مع إقرارهم أن هؤلاء الشُركاء هم شُركائهم ما يملكون ملك الله تعالى ) يعنى انظر إلى هذه المعادلة الخطيرة المشروكون الذين يُشركون بالله تعالىيثبتون وجود الله تعالىهذه واحدة ولكن مع ذلك الذين أشركوهم مع الله يقولون بأن الله يملك هؤلاء الشُركاء ويملكُ ما يملكون لذلك يقولون لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إلا شريكاً هو لك تملُكه وما ملك.

صدق الله إذ يقول(وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مُشركون) انظر هؤلاء يُلبونَ بل يثبتوت المولى عز وجل  ويزعمون أن له شريكاً ثم حطوا من قيمةِ هذا الشريك فقالوا بأن الشريكَ وما ملك كِلاهما لله عز وجل  لذلك المُصنف هنا ختم فقال (وصدق الله إذ يقول (وما يؤمنُ أكثرهم بالله إلا وهم مُشركون) للآسف كثيرٌ من الناس نسألُ الله السلامة والعافية لنا ولكم هم فى الصورة من المؤمنين ونحنُ لا نُخرجكم من دائرة الإسلام إلا بالضوابط التى تعرفونها جميعاً وتُفاجىء بأنهم يفعلون أفاعيل ويقولون أقوالاً عياذاً بالله تعالى قد تأخذُهم إلى الجحيم قولاً واحداً لذلك أريدُ أن أضربَ مثالاً أو مثالين لأن كثيراً لا أقول من عوام الناس بل كثيراً من الملتزمين نسألُ الله السلامة والعافية يقعون فى مثِل هذا الكلام فأضربُ مثلاً لعوامِ الناس وأضربُ مثلاً آخر لإخواننا الأفاضل الملتزمين.

مثلاً عوام الناس تذهب إلى أى محل بقالة والذى يُسمى بالسوبر ماركت لتشرىَّ حوائج جبنة لبن أى أشياء من الأمور هذه ثم تجد أن هذا الرجل يبيعُ السجائر طيب يافلان السجائر حرام انظر إلى الرد والله لو قال هذا الرجل والله عم الشيخ أسألُ الله تعالىأن يتوبَ علىَّ وأن يُنجينى من بيعها ومن هذا الحرام لكان الخطبُ سهلاً ويسيراً لو قالَ أدرى أنها حرام ولكن الشيطانُ غلبنى لكان الأمرُ يسيراً ولكن تُفاجىء برد لا يُمكن أن تتصوره فيقول بالنص ياعم الشيخ أنا لو لم أبيعَ السجائر الأشياءُ الآخرى لم ولن تُباع إذاً هذا الرجل عياذاً بالله تعالى جعلَ المخرج وجعلَ نفاذ السلعة وجعل الرزق فى يدِ من؟

 فى يد السجائر أم فى يدِ الله تعالى يعنى المولى تعالىيقول(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)[سورة الطلاق:3:2] تريد أن تفهمنى وتقول لى ومن يعص الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب أمرٌ فى غايةِ الخطورة ولكن فى الحقيقة والله هؤلاء معذورون معذورون لأن بيننا عُلماء سؤ ودعاة سؤ عياذاً بالله تعالى إلا من رحم الله يقول ياعم الشيخ أنا سألت يقولون أنها مكروهة طيب وأنا أسألك المكروه ربنا أمرنا بفعلهِ أم أمرنا بتركه؟

 سؤال وجواب فجاء الرد أمرنا بتركه طيب من الذى امرك بفعله هى واحدة من ثنتين إما شيطان إما نفسُك الأمارة بالسؤ أو تدخلَ عليه مدخلاً آخر عندما يقول لك هى مكروهة كلامٌ جميل مكروهة ونحن نسألُكَ المكروه يكرهه الله أم يُحبه الله ؟

الجواب يكرهه الله

سله سؤالاً آخر الذى يكره الله يكونُ حلاماً أم حراماً؟

لازم يقول لك أنه حرام أنتهت المسألة (قضى الأمر الذى فيه تستفتيان) أمورٌ منتهية ونسألُ الله السلامة والعافية العجب أن هذا الوصف ولكن بطريقة آخرى نجده فى بعض الملتزمين نسألُ الله السلامة والعافية لنا ولهم والله هذا السؤال والله لو قلتُ سألته أكثرَ من مئة مرة ما أبعدتُ يأتى الأخ جزاه الله خير لحيته طويلة وجلباب حاجة عظيمة جداً جداً ويحافظ على الصلوات الخمسة والفجر ثم تُفاجىء أنه يقول ذهبت للعمل اشترطوا حلق اللحية ما هو المطلوب من أقول لك أحلق لحيتك فيقول لى بمجرد ما أتعين سأُطلق لحيتى يعنى تريد أن تُفهمنى أنك ستفوز بهذا الشغل بمعصية الله ولا المطلوب أنك تحافظ على هذا السمتَ الذى لا نشكُ طرفةَ عين أن اطلاق اللحى من أعظم الواجبات على الرجال من جهةِ الهيئة أمور نسألُ الله السلامة والعافية، فإن كنا سنعذرُ هؤلاء الملتزمين الذين يعيشون بين أظهُرنا وهم منا ونحنُ منهم والله العوامِ أحقَ بذلك منهم مما لا شك فيه .

ثم ينتقل المُصنف إلى تخصيص المشركين فقال (وكذلك اليهود والنصارى يؤمنون –أعى ما أقول جيداً إن كان فرعون الذى قال ما علمتُ لكم من إلهٍ غيرة وأنا ربكم الأعلى يعلمُ أن هناك رباً فما بالك بهؤلاء اليهود والنصارى يؤمنون بأن الله هو الخالق وهو المُصور وهو الرازق وهو المحى وهو المميت ولكنهم مع إيمانهم بذلك فهم يٌشركون بالله عز وجل  أمرٌ فى غاية الغرابة والله توجد قصة من عوام الناس أن بقرةً كانت تلِدُ وصاحبها رجلٌ من النصارى يقفُ هو وامرأته ينتظرون هذه الولادة فتعثرت الولادة فقال هذا النصرانىَّ يايسوع تصور هذه المرأة تقول له ماذا؟

 هل هذا وقت يسوع قل يارب انتبه!!

 في هذه الحقيقة هذه هى الحقيقة للآسف الشديد أُناسٌ كُثر لا يدرون هذه الحقيقة بل لو قلتُ كلُ القساوسة يعلمون أنهم على باطل قولاً واحداً ما أبعدتُ نعم قد يوجد نذر ولكن النذرُ فى الغالب الأغلب الشرعُ لا يلتفت له.

 انظر ماذا يقول النصارى قال تعالى (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [سورة التوبة:31]

 هذه الآية حقيقتها فى الحقيقة أنها شركٌ ولكن فى توحيد ماذا؟

 الألوهية لأننا أثبتنا أن التحليلَ والتحريم من باب العبادة والعبادة ألوهية مما لا شك فيه لذلك بينتُ فيما سبقَ أن من أشركَ فى توحيد الألوهية لابد وأنه أشرك فى توحيد الربوبوية وجه الاشراك فى توحيد الربوبية كما سبق أنهم يُحلون الحرام ويُحرمون الحلال وهذا دينهم كما فى قصةِ من ؟

قصة عدى التى ذكرتُها آنفاً.

قلتُ انظر إلى فساد أهل الكلام إلى فساد مذهب الأشاعرة ومن دونهم يفصلون بين العقيدة والفقه بل الأشاعرة من أشر الناس فى هذا الباب لأنهم من غُلاة الجمهية فى باب الإرجاء من غلاة الجهمية فى باب الإرجاء عياذاً بالله تعالى كما بينا ذلك فى كتابنا (الإعلام بمسمى الإيمان).

لذلك يقول المولى عز وجل  (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [سورة المائدة :116-117]

هذه آيةٌ عظيمة جداً فيها مسائل كثيرة جداً لُغوية عقدية فقهية أذكر عنوةً لأن فى الحقيقة لو دخلنا فيها لن ننتهى:

أولا / اتخذوا آلهة من دون الله فقال تعالى ( أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ)

قطعاً المولى عز وجل يعلم إن كان قال أم لا ؟

 يعلم أنه لم يقل

لما إذاً سأله ؟

لأنه يريدُ أن يقيمَ الحجة على الكافرين ويُبرىءُ عيسى عليه السلام من هؤلاء الأشرار لذلك حكى عنهم هذه المآسى

(لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة )(لقد كفر الذين قالوا أن الله هو المسيح )

 إلى آخر الآيات الثلاثة المعروفة والله تعالىقد أنهى هذه القضية فى كلمةٍ واحدة وبينَّ أن عيسى وأمه مخلوقان من مخلوقات الله تعالىحيثُ قال كلمة واحدة (كانا يأكلان الطعام)

أنتهت المسألة هل يوجد ربٌ يأكل؟

 الأكلُ صفةُ نقص وليست صفة كمال لأنك فقيرٌ إليه وإذا أفتقرت إلى شىٍ فأنت ناقصٌ مما لا شك فيه والفقرُ لازمٌ لنا لذلك هنا وقفة أريدُ أن ألفت النظر إليها وفقط انظر قال تعالى (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالثُ ثلاثة)

 إذاً هم ثلاثة طيب أين المشكلة فيها؟

 قد يقولُ القائل طيب ما النبىَّ صلى الله عليه وسلم لأبى بكر (ما بالك بأثنين ثالثهما الله )

 هم ثلاثة أيضاً لا طبعا ليسوا بثلاثة الأمرُ أكبرُ مما تتصور فالفرق بينهما فرقٌ كبير

 النصارى تقول (إن الله ثالثُ ثلاثة)

 هذا قولهم ونبينا يقول (ما بالك ياابو بكر بأثنين ثالثهما الله)

فهذه قضية آخرى أنا أريد أن أقربها إليك على عُجالة

سورة الكهف (خمسة سادسهم كلبهم)

 يعنى لو كان عندنا مثلاً خمس رجالة وكلب ستقول خمسةٌ سادسهم كلبهم فالكلب ليس من جنس هؤلاء الخمسة هؤلاء إنس وهذا حيوان ولكن انظر عبد الله بن سلام رضي الله عنهقال دخلتُ عاشرُ عشرة إذاً كلهم من جنسٍ واحد انتبه!!

 لو عدتُ بهذا الكلام إلى قول النصارى (إن الله ثالثُ ثلاثة)

 إذاً جعلوا الله تعالىمن جنس من؟

 من جنس المخلوقات أريت خطورة هذه الكلمة !!

ولكن انظر إلى نبينا (ما بالك بأثنين ثالثهما الله)

 فجعل نفسه وابا بكرٍ من المخلوقات

والثالث هو الله تعالىالخالق عز وجل  (ليس كمثلهِ شىء وهو السميع العليم)

 لذلك لابد وأن تنتبه إلى هذا الكلام فإنه فى غايةِ الخطورة.

نأخذ مسألة نبنيها على الكلام السابق قبل مرور الوقت بنسمع كثير جداً من عوام المسلمين بل من بعضِ الملتزمين بتخرج من لسانه (والله العظيم ثلاثة) ما هذا؟ هل يجوز هذا الكلام؟

أنا سأتكلمُ من جهةِ القصد إن قصدَ بقوله ثلاثة التأكيد يعنى بيؤكد هذا باطلٌ لغةً وشرعاً

وسأبينُها وإن قصد بقوله ثلاثة أى ثلاث مرات فهذا باطلٌ بالنصِ والإجماع

 وإن قال بقوله أو قصد بقوله الثلاثة أنه مركب من ثلاثة عياذاً بالله تعالى فهذا دينُ النصارى

طيب بالنسبةِ للتأكيد إن قصدَ بقوله ثلاثة (والله العظيم ثلاثة)

وقصد أنه يؤكد هذه كذبة لغوية معروفة مما لا شك فيه فالتأكيدُ فى لغةِ العرب بواحدة من ثنتين :-

إما بتكرار اللفظ (والله العظيم والله العظيم)

وإما بأن تضيف إليها لفظ نفس أو عين أو أجمع أو أبتع أو أكتع كل هذه ألفاظ يؤكدُ بها اللفظُ

ولكن نرجع للجزئية الأولى الخطيرة لا يوجد أبداً تأكيد بماذا؟

 بمجرد أن تقول العدد والله العظيم ثلاثة لذلك انظر ماذا يقولُ النبى صلى الله عليه وسلم (أيما امرأة نُكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل) كان ممكن أن يقول فنكاحها باطل ثلاثة فلو قال فنكاحها باطل يبقى قالها مرة واحدة مما لا شك فيه

 إذاً قوله والله العظيم ثلاثة هذا قسمٌ مرة واحدة ولا يستطيع أن يدعىَ أنه من باب التأكيد أو التوكيد بأى طريقةٍ من الطُرق لذلك لو قال لأمرأته أنتِ طالق بالثلاثة فهى طلقة واحدة لايوجد فى لغة العرب أنى بؤكد الطلاق أو أنه تكرار هذا كلام باطل مما لا شك فيه لذلك هذه من الأمور التى يجبُ الإعتناء بها وإن قصد بقوله ثلاثة ثلاث مرات هذه كارثة لوحدها ففى لغة العرب الأمر على خلاف ذلك تريد أن تؤكد بطريقة معنوية بتأكد بالنفس تقول (جاء الأمير نفسُهُ عينُهُ) (جاء القوم أجمعون أبتعون أكتعون)

 كل هذا ماشى وبهذا بطل الإحتمال الأول مما لا شك فيه وبَطُلَ الإحتمال الثانى بالنسبة لقصده ثلاث مرات أمرغريب جداً أنتَ تعلم لو كان كلام هذا الرجل صحيح إذاً نبينا صلى الله عليه وسلم قال من سبح الله دبر كل صلاة سبحان الله ثلاثاً وثلاثين وحمده ثلاثاً وثلاثين وكبرهُ أربعاً وثلاثين الحديث رواه النسائى رضي الله عنه عن كعبة بن حجرة رضي الله عنه

 إذاً خلاصة الكلام إذا كان ذلك يفيد العدد إذا نقول سبحان الله ثلاثاً وثلاثين مرة يعنى رقم 33 مرة وتعدى والحمد الله 33 مرة وتعدى والله أكبر 34 مرة وتعدى

هذا الكلام كلام باطل يستحيل قد يقولُ القائل وماذا تقول فى قوله صلى الله عليه وسلم (سبحان الله عدد خلقه سبحان الله رضا نفسه سبحان الله زنة عرشه سبحان الله مداد كلماته)

 قلتُ معنى الحديث سبحان الله عدد خلقه أن الله يستحقُ أن يُنزه بعدد خلقه يستحقُ ذلك تبارك وتعالى وليس معناها أنى سبحتُ الله تعالىبعدد خلقه يعنى عدد خلقه تريليون يبقى أنا سبحته تريليون مرة هذا كلام عياذاً بالله تعالى فيه ضعفٌ شديد جداً جداً وإن قصدَ عياذاً بالله تعالى أنه مركب من ثلاثة هذا دين النصارى وليس دين المسلمين ويجبُ الإمتناع عن هذه التركيبة فلا تصلحُ لغةً ولا فقهاً ولا عقيدةً وللآسف الشديد يصعبُ جداً أن يُسكت على مثل هذه الأمور فلنتقى الله تعالىونحسنُ من ألفاظنا للآسف لا أستطيع أكملُ هذا الدليل أعنى (إجماع الخلائق) .

فأكتفى بهذا القدر وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وجزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.