‌‌مسند أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه 50

‌‌مسند أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه 50

حدثنا يحيى، عن موسى يعني الجهني، حدثني مصعب بن سعد، حدثني أبي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟ " فقال رجل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: " يسبح مائة تسبيحة تكتب له ألف حسنة، أو يحط عنه ألف خطيئة " (2) قال أبي: وقال ابن نمير أيضا: " أو يحط " ويعلى أيضا: " أو يحط "

ذِكرُ اللهِ سُبحانَه وتَعالَى ممَّا يُؤنِسُ الرُّوحَ والقَلبَ، ويَرزُقُ النَّفْسَ الطُّمأْنينةَ، ويُثقِّلُ مَوازينَ العَبدِ بالحَسَناتِ، ويُنَجِّي اللهُ تعالَى به صاحِبَه مِنَ الهَمِّ والغَمِّ، فيَكشِفُ ضُرَّه ويُذهِبُ غَمَّه.


وفي هذا الحديثِ يُبَيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أهمِّيَّةَ التَّسبيحِ ويُرَغِّبُ فيه، فَيَسأَلُ الصَّحابَةَ رَضيَ اللهُ عنهم: «أَيَعْجزُ أحدُكم» أي: ألا يَستَطيعُ أحدكم أنْ يَكْسِبَ ويَحْصُلَ، «كُلَّ يَومٍ أَلْفَ حَسنةٍ»؟ فَتَعَجَّبَ أحدُ الحاضرينَ، وسَألَ كَيفَ لِأحدِنا أنْ يَحْصُلَ أَلفَ حَسَنةٍ بِدونِ مَشقَّةٍ وبِسُهولةٍ بِلا عَجْزٍ؟! فَقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يُسبِّحُ مِائةَ تَسبيحةٍ، بأنْ يقولَ: سُبحانَ اللهِ، وما يُشبِهُ ذلك، كالتَّحميدِ والتَّكبيرِ والتَّهليلِ، فيُكْتَبُ له عندَ اللهِ أَلْفُ حَسنةٍ؛ لأنَّ الحسَنَةَ الواحدَةَ بِعَشْرِ أَمثالِها،

وَهُوَ أَقَلُّ المضاعَفَةِ الموعودَةِ في القُرآنِ بقَولِهِ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [الأنعام: 16]، أو يُحَطُّ عنه أَلْفُ خَطيئَةٍ، وذلك بمَشِيئَةِ اللهِ تَعالى،

وفي بعضِ نُسَخِ صَحيحِ مُسلمٍ: «ويُحطُّ»، فيكونُ اللهُ سُبحانه قدْ جَمَع الأجْرينِ لِقائلِ تلكَ الكلماتِ؛

فيُكتَبُ له ألْفُ حَسَنةٍ، ويُحَطُّ عنه ألْفُ خَطيئةٍ، والمرادُ بالخَطايا: الصَّغائرُ؛

لأنَّ الكبائرَ لا تُغفَرُ إلَّا بالتَّوبةِ،

أو عفْوُ اللهِ كَبيرٌ، ولا يُستبْعَدُ أنْ يَعفُوَ اللهُ عنها بسَببِ هذا الذِّكرِ.