‌‌مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه138

مسند احمد

‌‌مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه138

حدثنا يزيد، أخبرنا زكريا، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " قد أعطي كل نبي عطية فكل قد تعجلها، وإني أخرت عطيتي شفاعة لأمتي، وإن الرجل من أمتي ليشفع للفئام من الناس فيدخلون الجنة، وإن الرجل ليشفع للقبيلة، وإن الرجل ليشفع للعصبة، وإن الرجل ليشفع للثلاثة، وللرجلين، وللرجل "

الشَّفاعةُ أنواعٌ كثيرةٌ، ومنها الشَّفاعةُ الكُبْرى وهي شَفاعتُهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأُمَّتِهِ، وهناك شَفاعةُ الصالحين لعُمومِ النَّاسِ، وكلُّ ذلك بعدَ إذنِ اللهِ تعالى ورِضاه.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لَيَدْخُلَنَّ الجَنَّةَ بِشَفاعَةِ رَجُلٍ ليس بِنَبيٍّ"، أي: سوف يَشْفَعُ رَجُلٌ يومَ القِيامةِ في أُناسٍ فيُدْخِلهم اللهُ الجَنَّةَ مع أنَّه لم يَبْلُغْ مَنْزِلَةَ الأنْبِياءِ، والمُرادُ بذلك إظْهارُ قَدْرِ شَفاعَةِ الصالِحين في غيرِهم، والشَّفاعَةُ: هي سُؤالُ اللهِ عزَّ وجلَّ أنْ يَتجاوَزَ عن الذُّنوبِ، "مِثْلُ الحَيَّيْنِ"، أي: قَبيلَتَيْ، "رَبيعةَ ومُضَرَ" وهما قَبيلتانِ ابْنا نِزارِ بن مَعَدِّ بن عَدْنَانَ، وعنهم تفرَّعَتْ قَبائِلُ العَرَبِ العَدْنانيةُ؛ فمن ربيعةَ: عبْدُ القَيْسِ، وبَنو حَنيفَةَ، وتَغْلِبُ، ومن مُضَرَ: قُرَيْشٌ، وهَوازِنُ وغَطَفانُ، وفي روايةٍ: يدخلُ الجنَّةَ بشَفاعَةِ رجُلٍ من أمَّتي أَكثرُ من بني تميمٍ. قيلَ: يا رسولَ اللَّهِ، سِواكَ؟ قالَ: سِوايَ".
قال رَجُلٌ: يا رسولَ اللهِ، أو ما رَبيعةُ من مُضَرَ؟"، أي: ما نِسْبَةُ ربيعةَ إلى مُضَرَ؟ وبينهما في الشَّرَفِ بَوْنٌ بَعيدٌ، فقد كانتْ مُضَرُ هي الفرْعَ الأكْبَرَ مُقارَنَةً بربيعةَ. فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّما أقولُ ما أقولُ"، أي: هو ممَّا أُوحِيَ إليَّ؛ فأُبلِّغُه دُونَ زِيادةٍ أو نُقْصانٍ؛ فيجبُ التَّفْويضُ إلى عالِمه لا الاعتراضُ عليه؛ فإنَّ ربيعةَ ومُضَرَ هما ابْنا نِزارِ بن مَعَدِّ بن عَدْنَانَ، وهما جِذْما العَرَبِ العَدْنانيةِ، وليس أحدُهما من الآخَرِ.
وفي الحديثِ: بيانُ كثْرَةِ مَنْ شَفَعَ له الرَّجُلُ الواحِدُ من هذه الأُمَّةِ من غيرِ الأَنْبِياءِ( ).